فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
صفحة 1 من اصل 1
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
يقول عز وجل ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون )
هناك الكثير من المتحايلين على التشريع أرادوا أن يوهموا الناس بأن هذه الآية تعني صلاة الظهر والعصر وهم على يقين تام بأنها لا تعني من ذلك شيئا ، وبإذن الله أسلط الضوء عليها حتى يتجنب المؤمنون فتنتهم بشبهاتهم .
ــ كلمة سبحان الله
إن كلمة سبحان الله تأتي تنزيها لله عما لا يليق بجلاله من الصفات ، وأحيانا تأتي اعتراضا لوصف وصف به ما لا يليق جلاله عز وجل ، كقوله جل وعلا ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إلاه ، إذن لذهب كل إلاه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ، سبحان الله عما يصفون ) ( سبحان الله ) جاءت اعتراضا لما وصف به من صفات الضعف باتخاذ الولد وتنزيها لجلاله ، وكذلك قوله عز وجل ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) هنا نفس الشيء أيضا ، تنزيه الله عما لا يليق بجلاله من صفات الضعف .
نأخذ مثالا آخر ، كقوله عز وجل ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ... ) أي أن الله تنزه عما يتشكك به المتشككون من استبعاد أن يسري الله بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فسبحان الله جاءت هنا خصوصا لأن الإسراء وقع في الليل دون أن يراه أحد .
مثال آخر يقول الله فيه ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ، أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ، قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) فقوله في الأخير ( قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) أي تنزه ربي أن لا يستطيع القيام بما طلبتموه إن لم يجبكم بذلك ، وليس ذلك بيدي ولا بقدرتي بأن أفجر الأنهار وغير ذلك إنما أنا بشر وليس ذلك من مهمتي بل أنا رسول .
ــ الآن نتطرق للآية المعنية بالموضوع وهي قوله عز وجل ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون )
علينا أن نعرف بأن النوم هو حالة شبيهة بالموت ، والإستيقاظ هو حالة شبيهة بالبعث ، وذلك قوله عز وجل ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبؤكم بما كنتم تعملون ) أي هناك وفاة وبعث يحدثان يوميا ، فالوفاة تحدث في حالة النوم ، والبعث يحدث عند الإستيقاظ ، فالناس تنام في الليل لتستيقظ في الصباح ، وتنام في الظهيرة لتستيقظ في المساء ، أي أن الليل والظهيرة تحدث فيهما حالة شبيهة بالموت ، وأن الإستيقاظ صباحا ومساء بعد الظهيرة حالة شبيهة بالبعث .
علينا أن نعرف أن الناس كانت تستبعد البعث كمن قال الله فيهم ( ... قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) وقوله عز وجل ( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ) وما قالوه في هذا الباب هو من صفات العجز التي لا تليق بجلاله .
فقوله عز وجل ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) أي تنزه الله عما تقولون من أنكم تستحيلون وتستبعدون أن يبعثكم الله ، ونزاهة الله تعيشونها يوميا حين تمسون وحين تصبحون ، أي حين تبعثون في المساء بعد ما تقومون من القيلولة ، وحين تبعثون في الصباح بعد قيامكم من الليل ، فتصبحون وتمسون ، أي تدخلون في الصباح والمساء ، أي بعد القيام من النوم أي حين يبعثكم الله ، وهذا فعل ترونه وتعيشونه يوميا ، فاعتبروا يا أولي الأبصار ، هذا هو معنى الشطر الأول من الآية .
وقوله عز وجل ( وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون )
إن الحمد لله يأتي دائما على ملكه لما يتفضل علينا منه ، وهو دائما يبين لنا أنه هو الذي يملك كل شيء ، ويبين لنا دائما بأن لا أحد يملك شيئا ، ويبين لنا بأننا نحن أيضا مملوكون ، وهو الواحد الأحد صاحب هذا الملك ، وهو الواحد الأحد الذي يعود له الحمد لما يتفضل على المخلوقات من هذا الملك من رحمته ، وذلك قوله عز وجل ( فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين ) أي هو مالك السماوات والأرض ومالك الناس جميعا ، فالملك كله لله وله الحمد على هذا الملك الذي يتفضل علينا منه كما قال عز وجل ( يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض ، له الملك وله الحمد ... ) ( له الملك وله الحمد ) أي له الحمد على ما يتفضل علينا من هذا الملك ، وكما قلت سابقا فإنه دائما يبين لنا أنه هو صاحب هذا الملك كقوله ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ، قل الحمد لله ... ) أنظر لقوله ( قل الحمد لله ) عقب هذا الكلام الذي بين فيه أن الملك لله ، أو كقوله عز وجل ( ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله ، قل الحمد لله ...) وكذلك عقب التبيان على ملكه جاء قوله ( قل الحمد لله ) وأحيانا يهلك قوما كانوا يتمتعون في ملكه فيبين أنه يملكهم ويملك ما كانوا يتمتعون به فيحمد الله على هذا الملك الذي يتفضل علينا به ، ومن ذلك قوله عز وجل ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله رب العالمين ) فبإهلاكهم يتبين أنهم لم يأخذوا معهم ما كانوا يملكون وما كانوا به فرحين ، فالملك يبقى لله ، وبإهلاكهم يتبين أن الله الذي أهلكهم هو مالكهم هم أنفسهم فانظر في قوله في آخر الآية ( والحمد لله رب العالمين ) أي يبين أنه مالكهم ، فبقوله ( رب العالمين ) أي مالك الناس جميعا وهو الذي يعود له الحمد والثناء ، وأضيف مثالا آخر للتوضيح أكثر يقول الله فيه ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ، ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا ، هل يستوون ، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ) ضرب الله هذا المثل بالعبد المملوك الذي هو أصلا مملوكا لإنسان آخر ، فهو أصلا لا يملك شيئا يتفضل به ، وقارنه بالحر الذي رزقه الله من فضله وهو يملك شيئا من الله يتفضل به على المحتاجين بالإنفاق منه عليهم ، ليعلم الناس أن الذين يسوونهم مع الله فهم لا يملكون شيئا يتفضلون به بل هم مملوكون ، إنما الله هو الذي يملكهم ويملك كل شيء ، وهو الذي يتفضل من ملكه علينا ، وبذلك يجب الحمد لله على ما يرزقنا ويهبنا من ملكه الذي لا نملك معه شيئا ، وهكذا جاء في آخر الآية بعد التبيان قوله عز وجل ( الحمد لله ، بل أكثرهم لا يعلمون )
ومن ثم نأتي على قوله عز وجل ( وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) أي أن الله هو الذي يملك ما في السماوات والأرض فيحمد على ملكه لما يتفضل علينا منه برحمته ، وهو الذي يملكنا نحن أيضا ويتبين ذلك عندما نخلد للنوم في الظهيرة وعشيا بعد العشاء ، فندخل في غيبوبة شبيهة بحالة الموت ، فهو الذي يتوفانا حينذاك لقوله عز وجل ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ...) ففي النوم نفقد وعينا تماما ولا نعرف ماذا يجري حولنا ولا نعرف ما نتفوه به ولا ما نقوم به من تقلبات في النوم ، فحينها يتبين أننا لا نملك أنفسنا ، وهذا يعني أن هناك من يملكنا ، فالله يبين لنا أنه هو مالكنا ، فالحمد لله .
والذي يزيد تأكيدا على هذا المعنى ما جاء تبعا للآية المعنية بالأمر فانظر ماذا جاء بعدها ، فلما قال عز وجل ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) أردف بعد ذلك قوله عز وجل ( يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون ) فهو يتكلم عن الإماتة والإحياء والنشور ، فالآية لا علاقة لها بصلاة الظهر والعصر لا من بعيد ولا من قريب ، ولا يوجد أي أمر بالصلاة في هذه الآية ، ولم يبق بعد هذه الحجة إلا التكبر والعناد .
الكاتب : بنور صالح
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى