منتدى بنور صالح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واهجروهن في المضاجع واضربوهن

اذهب الى الأسفل

واهجروهن في المضاجع واضربوهن Empty واهجروهن في المضاجع واضربوهن

مُساهمة من طرف bennour الجمعة ديسمبر 28, 2018 3:56 pm

التاريخ : 10/04/2007

واهجروهن في المضاجع واضربوهن


قال تعالى ( ... الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، إن الله كان عليا كبيرا ... ) 

نأخذ الجزء الأول من قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ، وبما أنفقوا من أموالهم ) فهذه الآية تنقسم إلى قسمين ، القسم الأول ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي أن الله فضل الله الرجال على النساء بأمور ، وبهذا التفضيل جعل القوامة عليهن ، فهذه قوامة ناتجة عن التفضيل ، والقسم الثاني من قوله تعالى ( وبما أنفقوا من أموالهم ) أي بتعبير آخر [ والرجال قوامون على النساء بما أنفقوا من أموالهم ] أي أن القوامة ناتجة أيضا عن الإنفاق الذي أنفقوه عليهن .

ــ القوامة الناتجة عن التفضيل 
ما هو هذا التفضيل الذي فضل الله به الرجال على النساء . 
إن بمجرد عقد الزواج بين الرجل والمرأة يفرض على الزوجين ميثاقا أو قانونا ، وهذا القانون يكمن في 
[ ما أنزل الله ] فكل ما أنزل الله في الحقوق والواجبات الزوجية يفرض عليهما ويلزمهما بمجرد عقد النكاح بينهما ، فعند النزاع والخلاف يفرض الرجوع إلى هذا القانون ، وهو الذي يتم به الفصل بينهما ، وضمن هذا القانون نجد أن الله قد فضل الزوج على الزوجة بعدة أحكام ، فقد منح حق الأبناء للآباء فالأولاد ينسبون للآباء ، وفي حالة الطلاق يأخذ الزوج الأبناء ، وتقوم الزوجة بالرضاعة مقابل النفقة عليها من أكل وشراب وكسوة ، وقد فضل الله الزوج بأن منحه حق العدة ، فالمطلقة تعتد لحق الزوج أي عليها أن تبقى في البيت طيلة العدة ، وهذا من حق الزوج عليها لقوله تعالى ( ... يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ... ) إذن فالعدة هي من حق الزوج ، وقد فضل الله الزوج بأن منحه حق الطلاق وهو الذي له الحق بأن يمسكها أو يسرحها أثناء العدة ، لقوله تعالى ( ...وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ... ) وقد فضل الله الزوج بأن منحه حق تعدد الزوجات في حين لا يحق ذلك للزوجة ، وفضل الله الرجال بالزواج من أهل الكتاب في حين لا يجوز ذلك للنساء ، وهناك فضائل أخرى كالميراث وغيره والتي لم أتطرق إليها ، فهذه الفضائل التي منحها الله للرجال هي التي جعل بها القوامة على النساء ، وذلك قوله سبحانه ( ... الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ... ) فالتفضيل ما أعطاه الله من حقوق للرجال على النساء ، فالتفضيل يكمن في الحقوق ، أما في غير الحقوق فقد تجد امرأة أفضل من زوجها ، فقد تكون أقوى منه ، وقد تكون أصح منه بدنا ، وقد تكون أعلى منه ثقافة ، وقد تكون أذكى منه ، فلا تتحول القوامة إليها بهذه الفضائل ، بل تبقى القوامة له بما فضل الله به عليها من الحقوق .

ــ القوامة الناتجة عن نفقة المال 
( وبما أنفقوا من أموالهم ) ما هو هذا الإنفاق الذي أنفقه الرجال والذي تتم به القوامة على النساء .
فالزواج بين الرجل والمرأة يتم عن عقد ، وفي هذا العقد يقدم الرجل للمرأة أجرا والذي يسمى بالمهر ، وهذا الأجر هو مقابل الاستمتاع بها لقوله تعالى ( ... فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ... ) وهذه الآية ليست في زواج المتعة كما يقال ، وإنما المعنى إذا وقع الاستمتاع حق الأجر والأجر كله ، فالمهر مرتبط بالاستمتاع ، فإذا وقع الاستمتاع وجب دفع المهر ، لقوله تعالى ( ... وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ... ) أي ما لم يتم المس ووقع الطلاق فيحق نصف المهر ، أما إذا وقع المس حق المهر كله ، وفي الآية الأخيرة ذكر الله المهر بقوله فريضة ، لكن في ألآية ( ... فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ... ) ذكر المهر على أنه أجر ، وذكر ما يقابل ذلك الأجر ، والأجر يقدم مقابل شيء ، وقد بينه الله في الآية بأنه مقابل الاستمتاع ، وبين أن هذا الأجر فريضة من الله ، ويجب أن يكون ولو كان شيئا رمزيا ، ويجب دفعه ولو كان قنطارا ، وهذا الأجر هو الذي يمنح الرجل حق الاستمتاع بزوجته أنى يشاء لقوله سبحانه ( ... نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ... ) وعلى الزوجة طاعته وتلبية حاجته في ذلك طاعة لله ، وهي ملزمة بذلك ، وقد ألزمها الله بذلك الأجر الذي فرضه الله لها ، وهذا المهر هو الذي تتم به القوامة على النساء في ما يخص العلاقة الجنسية ، فالرجل هو الذي يسير العلاقة الجنسية ، ولا يعني بهذا أنه يمكنه الجفاء على المرأة ، بل له قوانين أخرى تضبطه في هذا الجانب كقوله تعالى ( ... وعاشروهن بالمعروف ...) أو كقوله ( ... فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ... ) وهذا مما يضبط تسيير العلاقة الجنسية ، فالعلاقة الجنسية جعلها الله بيد الرجل وهو الذي يسيرها ، وهو الذي أعطاه الله القوامة عليها ، 
وقد أنفق مالا في ذلك ، وذلك قوله سبحانه ( ... الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ، وبما أنفقوا من أموالهم ... ) فالإنفاق الذي ذكرته الآية والذي جاء في قوله ( وبما أنفقوا ) أي أنفقوا في الماضي وهي المهور التي أنفقوها ، ولم يأت قوله بعبارة ( ينفقون ) الذي يفيد الاستمرار في الإنفاق ، والذي هو الإنفاق اليومي على العيال ، فهذا الإنفاق ليس هو المقصود ، وقد تكون الزوجة ثرية وزوجها فقير ، وتكون هي التي تقوم بهذا الإنفاق اليومي على العيال ، ومع ذلك فلا تملك حق القوامة على الرجل ، بينما هذه الزوجة الثرية عند عقد زواجها من هذا الرجل الفقير ، فلا بد وأنه قدم لها أجرا يمكنه التحليل منها ولو كان رمزيا ، وهو فريضة فرضها الله أن تكون ولو كانت غنية وهو فقير ، وهذا الأجر الذي أنفقه عليها هو الذي تتكلم عنه الآية والذي تنتج عنه القوامة عليها رغم غناها ، وهو الذي يمنحه حق القانون الذي أنزله الله في قوله ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) وهذا الأجر هو الذي يبقى ساري المفعول مهما تطورت أحوال الزوجين من فقر وغنى ، وهذا الإنفاق الذي أنفقه أول مرة هو الذي تطالب به المرأة إذا انفصلت عن زوجها ما لم ترد العيش معه لسبب من الأسباب ، ولنأخذ مثلا أن أحد الزوجين غير اعتقاده فأصبح كافرا بما أنزل الله ، وبالتالي أصبح أحدهما لا يحل للآخر ، وانفصل كل منهما عن الآخر ، وانقطعت القوامة التي كانت له عليها ، فوجب على المرأة أن ترد له ما أنفق عليها ، وماذا أنفق عليها ؟ إنه المهر الذي أنفقه أول مرة ، القانون ، قوله تعالى ( ... يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ، فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ، وآتوهم ما أنفقوا ، ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ، ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، واسألوا ما أنفقتم ، وليسألوا ما أنفقوا ، ذلكم حكم الله يحكم بينكم ، والله عليم حكيم ... ) تأمل جيدا هذا الجزء من كلام الله ، وأبدأ بملاحظة صغيرة ، وهي قوله ( ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) أنظر إلى عبارة ( أجورهن ) للتأكيد على ما قلناه سابقا من أن المهر هو أجر مقابل الاستمتاع ، نعود الآن لمجمل للآية ، والتي تبين أنه لما تحول الوضع الزوجي وأصبح أحدهما كافر والآخر مؤمن لم يعد أحدهما يحل للآخر وهذا واضح في قوله 
( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) فالعلاقة الزوجية أصبحت محرمة بينهما ، مما يستوجب الانفصال عن بعضهما ، والذي يزيد تأكيدا على هذا الفصل قوله ( فلا ترجعوهن إلى الكفار ) ويترتب على هذا الانفصال الذي قررت الزوجة بأن تنفصل به عن زوجها فخرجت من البيت أن ترد له المهر الذي أنفقه عند العقد أول مرة ، وذلك ما جاء في الآية بقوله ( واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ) أي فطالبوا بمهور نسائكم ، وليطالب الكفار بمهور نسائهم ، فالكل يطالب بمهر زوجته التي ذهبت عنه ، فالإنفاق الذي تتكلم عنه الآية هذه هو الذي تتكلم عنه آية القوامة ، أي أن الإنفاق المقصود هو المهور التي تنفق عند عقد الزواج ، وهي التي تتم بها القوامة على النساء من الناحية الجنسية ، ويليها تبعا لها القوامة الناتجة عن التفضيل ، وهذا ما جاء في قوله سبحانه ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) وهذه القوامة ، وهذا التفضيل ، وهذه المهور ، كلها تقول شيئا واحدا ، وهو أن على النساء أن يطعن الرجال 
( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) هذا هو التوجيه الذي أرشد الله به النساء ( فالصالحات ) القصد منه العمل الصالح ، ومن ذلك العمل الصالح اتباع ما أنزل الله في حق الرجال ، وأن يكن ( قانتات ) لله ولأزواجهن ، أي مطيعات لله ولأزواجهن ، إذن فعليهن أن يطعن أزواجهن ، وأن يكن ( حافظات للغيب بما حفظ الله ) وهذا تحذير من ارتكاب الفاحشة ، وهذا التوجيه الذي أنزله الله في حق نساء المؤمنين هو نفسه الذي وجه به نساء النبي عندما وقعن في خلافات زوجية مع النبي ، فأنزل عليهم يقول ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً{28} وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً{29} ثم أرشدهم بما قلناه سابقا ، فأنزل يقول( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً{30} وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً{31}
فقد حذرهن من ارتكاب الفاحشة والذي هو في آية القوامة [ بالحافظات للغيب ] ثم حثهن على أن يقنتن لله ورسوله والذي هو في آية القوامة مذكور [ بالقانتات ] ثم حثهن على العمل الصالح والذي هو في آية القوامة 
مذكور [ بالصالحات ] فدائما هو نفس الإرشاد ، التحذير من ارتكاب الفاحشة ، والعمل الصالح مع التنبيه على حق الأزواج بأنه من العمل الصالح ، ثم القنوت وهو الطاعة لله والأزواج ، وكل هذا في طاعة الله وبأمر من الله .

فبعد التوجيه الذي قدمه للنساء ، أنزل يقول ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) فالآية تتكلم عن خوف من النشوز وما يجب فعله ف يمثل هذه الأحوال ، ولكي أوضح معنى النشوز أضرب مثلا بالرجل والمرأة جالسين على الحدود التي أنزلها الله في شأن الزوجين ، وهذا يعني أنهما ملتزمين بهذه الحدود ، فإذا قام أحدهما وبقي الآخر جالسا فذاك يعني أنه نشز ، أي قام عن الحدود التي كان ملتزما بها ، وتنصل منها وتركها ، ولم يعد يبالي بها تماما ، بينما الطرف الآخر جالس ، يعني ملتزم بها ، هذه هي الصورة التقريبية لفهم النشوز ، وهذا الوضع هو أخطر الأوضاع ، التخلي عن الحدود كليا ، وهذا الذي يخاف عليه ، من كلا الجانبين ، فإذا كان الخوف عليه من طرف الرجل ، فالحل يكمن في قوله سبحانه 
( ... وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ... ) هذا بالنسبة لنشوز الرجل ، وإذا كان الخوف من نشوز المرأة ، فالحل يكمن في قوله تعالى ( ... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ... ) هذا بالنسبة لنشوز المرأة ، وإذا كان الخوف على الحدود من الاثنين ، فالحل هو قوله تعالى ( ... وإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما في ما افتدت به ... ) وهذا يعني التفريق بينهما بدل الوصول إلى تعد الحدود ، إذن فالحدود هي التي يخاف عليها من التعدي بالتخلي عنها كليا وهو النشوز ، نعود الآن للآية الخاصة بالموضوع يقول تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) إذن فالذي يخاف عليه الرجل من أن تصل إليه المرأة هو النشوز ، ويبدأ هذا الوضع بالتجاوزات إلى أن يصل إلى تعد الحدود كلها ، فيجب الحرص كل الحرص إلى عدم الوصول إلى هذا الخط الأحمر ، إذن عندما يرى الرجل أن المرأة دخلت مرحلة التجاوزات فعليه أن يتدارك الموقف ، وقد أرشد الله إلى تقديم الوعظ والهجر في المضجع والضرب ، وبطبيعة الحال تأتي هذه الأمور تدريجيا ، فالموعظة تكون تصب في التذكير بما يعيد طاعة المرأة لزوجها ، وبأنها طاعة لله ، وأن معصيتها لزوجها هي معصية لله ، فالموعظة كافية جدا بأن تعود المرأة المؤمنة بما أنزل الله إلى طاعة زوجها ، فعندما لا تفيد الموعظة ولا تعود الطاعة أرشد الله بأن هناك الهجر في المضجع كعقاب نفسي ، وهذا كاف جدا للقليلة الإيمان بالتنزيل بأن تعود لطاعة زوجها ، وإذا لم ترجع الطاعة في الميدان بالموعظة وباستعمال العقاب النفسي أعطى الله الضوء الأخضر بأن تضرب المرأة ، وهو ما جاء في قوله تعالى ( ... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ... ) كل هذا من أجل استتباب الطاعة وعدم الوصول إلى النشوز وهذا يعني أن الضرب الذي أرشد الله إليه يأتي نتيجة عصيان تريد المرأة الإصرار عليه ، رغم تحذيرها لذلك ، والضرب هو الضرب المعروف كقوله تعالى في إبراهيم لما حطم الأصنام بضربها ، يقول تعالى ( ... فراغ عليهم ضربا باليمين .. ) فالضرب يعني الضرب المعروف ، أو كقوله لموسى ( ... وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر ... ) وضرب الحجر هنا ليس بالضرورة أن يرفع العصا إلى أقصاها ليكون ذلك ضربا ، بل رفعا خفيفا ويسمى ذلك ضربا ، كما قال تعالى لموسى في البحر ( ... فقلنا اضرب بعصاك البحر ... ) فضرب البحر بالعصا لا يعني أن يرفع العصا إلى أقصاها ، بل مجرد أي حركة بها تسمى ضربا ، إذ لا يمكن أن يضرب البحر بالعصا ، ونفس الشيء عندما قال له في قضية البقرة وإحياء الميت بضربه بجزء من البقرة ( ... فقلنا اضربوه ببعضها ... ) فضرب الميت هنا لا بد وأن يكون ضربا خفيفا ، فهذه الأنواع المذكورة من الضرب كلها رمزية ، فالضرب ولو رمزيا يعد ضربا كقوله تعالى لأيوب ( ... وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ... ) إذن فالضرب الذي أرشد الله إليه في النساء يهدف لإعادة الطاعة ، بأن يكون ضربا يجلب الطاعة ، فالضرب الذي يجلب الطاعة ذلك هو الضرب المعني ، ويتفاوت من امرأة لأخرى حسب طبيعة كل منها ، وعلى المرأة أن تكون عالمة بهذا القانون ، فقد أنزله الله ليعلم به الجميع ، فإذا رأت الزوجة أن الزوج قد استعمل معها العقاب النفسي أي الهجر في المضجع ، فلتعلم أن المرة المقبلة أرشده الله بأن يضربها ، فعليها أن تطيع زوجها ، وإذا رأت أنها لا تريد طاعته وبالتالي لا تلتزم بالحدود التي أنزلها الله فيمكنها أن تفدي نفسها بأن تعيد عليه من المهر ما يرضيا به وتطلب منه الطلاق ، يقول سبحانه ( ... ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما في ما افتدت به ... ) فليس بالضرورة أن يصل الأمر إلى الضرب إلا أن يكون هناك إصرار على تعد الحدود التي أنزلها الله ، وإذا كانت المرأة ترى بأن الرجل هو الذي يجب إيقافه عند الحدود ، وبالطبع هو لا يرى ذلك ، أو كان الوضع بالعكس بأن تكون المرأة خائفة من نشوز زوجها ، كأن يصبح الرجل لا يبالي بالزوجة أو تزوج امرأة ثانية وظهر الفرق كبيرا في التعامل بينهما فعندئذ يجب دفع العجلة نحو الصلح والتصالح ، ولو بالاستعانة بحكمين أو عدلين أو أي تدخل لا يخالف التنزيل ، ودائما بأن تكون المبادرة من الزوجين دون إكراه لأحدهما ، فيجب التركيز على الصلح بالتفاهم داخليا أو بالاستعانة الخارجية بأن يكون كل الجهد منصبا نحو الصلح أو التصالح وذلك قوله سبحانه ( ... وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ، والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ... ) وفي غالب هذه الأحوال يستدعي الصلح أن يكون هناك تنازل عن بعض الحقوق من أحد الطرفين أو كلاهما ، فقد أجاز الله للطرفين أن يتنازلا ، ورفع الحرج بأخذ أحدهما من الآخر ما تنازل عنه من أجل الإصلاح ، وذلك قوله سبحانه ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ) فقوله ( فلا جناح ) هو لرفع الحرج في التنازل وفي الأخذ ما تنازل عنه ، بل دعم هذا الجانب أي جانب التنازل بقوله ( وأحضرت الأنفس الشح ) أي أن النفس شحيحة لا تحب التنازل ، وفي آخر المطاف إذا فشل الصلح ولم تكن هناك نية لذلك وتدهورت الأوضاع يأتي قوله تعالى في سياق الآية الأخيرة ( ... وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا عليما ... ) إذن علينا أن نعرف ماذا يريد الله منا ، فإذا تتبعت ما كنا نقول ترى بأن الله يدفع بالناس إلى تحسين الأوضاع ، ففي الآية الأخيرة ترى بأن الصلح هو الهدف المنشود ، وفي آية القوامة ترى بأن الله كان يرشد إلى التأني واستعمال الطرق السلمية من والوعظ والهجر في المضجع إلى الوصول إلى الضرب ، والآن أحاول أن أتكلم عن الضرب الذي هو بيت القصيد .





إن كلمة ضرب نجدها تستعمل أكثر بكثير في التعبير المعنوي ، أو في الضرب الرمزي ، وقليل ما تستعمل على حقيقتها ، فلو أخذت التنزيل كله لوجدت ذكر الضرب الفعلي مرة أو مرتين أو ما يقارب ذلك ، بينما باقي ذكر الضرب وهو كثير استعمل في التعبير المعنوي أو الرمزي ، وإليك ما يلي :

ــ يقول تعالى {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً }الكهف11 
هنا نجد الفعل ضرب جاء على التعبير المعنوي ( فضربنا على آذانهم ) والقصد به النوم العميق 
ــ يقول تعالى {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }طه77
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي ( فاضرب لهم طريقا في البحر ) والقصد أن الطريق لم يكن موجودا فيصبح موجودا وبسرعة بإذن الله 
ــ يقول تعالى ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) 
هنا أيضا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي ، فالضرب بالخمر على الجيوب ، القصد منه توصيل الخمر إلى تغطية الجيوب .
ــ قال تعالى ( ... فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ .... ) 
وهنا جاء الضرب رمزي ، فالعصا لا تؤثر في البحر . 
ــ يقول تعالى ( ... ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ... ) 
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي 
ــ يقول تعالى {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ }الصافات93
هنا جاء الفعل ضرب حقيقة ، وقوة الضرب هنا لا تكمن في الفعل ضرب وإنما تكمن في العبارة 
( فراغ عليهم ) وخصوصا في كلمة ( اليمين ) كقوله سبحانه ( ... ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ... ) أو كقوله ( ... والسماوات مطويات بيمينه ... ) فالتعبير عن القوة يكمن في عبارة ( اليمين ) فهذه العبارة هي التي وصفت الضرب بالقوي .
ــ يقول تعالى ( ... وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ... ) 
وهنا جاء الضرب درجة فوق الرمزي .
ــ يقول تعالى {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }الزخرف5
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي .
ــ يقول تعالى ( ... فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ... ) 
هنا أيضا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي .
ــ يقول تعالى ( ... فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ... )الحديد13
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي ، فضرب السور بينهم يقصد منه السرعة في التنفيذ بالفصل بينهم بسور 
ــ يقول تعالى ( ... وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ... ) 
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي 
ــ يقول تعالى ( ... فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ... ) 
هنا الضرب جاء رمزي
ــ يقول تعالى ( ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ ... ) 
هنا جاء الفعل ضرب للتعبير المعنوي 

إذن كخلاصة ، أن الفعل ضرب يتناسب استعماله أكثر في التعبير المعنوي ، وإذا نظرنا لقوله تعالى في النساء 
( ... فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ... ) ( فعظوهن ) ( واهجروهن في المضاجع ) 
( واضربوهن ) نجد أن الموعظة التي ذكرت في البداية هي تصحيح معنوي ، ثم الهجر في المضجع الذي ذكر بعدها هو أيضا تصحيح معنوي لكنه بدرجة أقوى ، ثم ذكر الضرب بعد ذلك ، وكما رأينا أنه يتناسب أكثر في التعبير المعنوي ، فالضرب ليس الجلد مثلا ، فلو قال ( فاجلدوهن ) لكانت العقوبة الجسدية مقيدة ومحددة تماما ، لكن لفظ الضرب فيه مرونة كبيرة كما رأينا ، فإنه يتسع من المعنوي عبورا بالرمزي إلى الحقيقي ، وبما أننا رأينا أن الله ذكر عبارات فيها الخفيف والمتوسط والغليظ وذلك في الوعظ والهجر والضرب ، فيكون أحسن أن يمارس الضرب تدريجيا هو أيضا ، بأن يبدأ بالضرب المعنوي ، كالضرب بالكلام مثلا وفيه الخفيف والمتوسط والغليظ وأقواه وأحسنه الصمت ، ثم الضرب الرمزي ، وهكذا يستعمل الضرب كما هو الحال على مرونته التعبيرية ، وأظن أنه من مر بمراحل كهذه ولم تستقم زوجته ولم تطلب منه الطلاق وهي عالمة بما أنزل الله ، ثم وصل إلى الضرب الفعلي فصفعها ولم تعد إلى جادة الطريق واستمرت في عصيانها ولم تطعه حتى انهال عليها ضربا فأغشاها ، فهو معذور تماما ، وليس عليه من الإثم مثقال ذرة ، ومن عاتبه فقد ظلمه . 

وعلى الزوج أن لا يعلو على الزوجة أي لا يطغى عليها ، وقد نهى الله عن العلو كقوله تعالى ( ... تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ... ) فالعلو لله وحده وبذلك ختمت الآية بقوله تعالى 
( ... إن الله كان عليا كبيرا ... ) 

الملاحظة الأولى 
لتوضيح التفضيل الذي جعله الله للرجال على النساء نأخذ بعض العينات ، ولنأخذ مثلا دكتورة في الفيزياء النووية متزوجة من رجل أمي مثلا قصير القامة وهي طويلة ، ضعيف البنية وهي قوية أقوى منه بكثير ، فإنه يتزوجها بمهر مقابل الاستمتاع بها ، فهي حرث له أنى شاء هو ، ولا يحق لها أن تخرج من البيت إلا بإذنه ، فهي تسير بإذنه ، والأبناء التي تلدهم يلحقون به وينسبون إليه ، ويحق له التعدد عليها ولا يحق لها ذلك ، ويحق له أن يطلقها ، وعليها أن تعتد له العدة ، وله الحق بأن يمسكها أو يسرحها كما يشاء ، وعليها أن تطيعه ولا تعصيه ، وإن عصته يعظها ، وله أن يهجرها في المضجع ولا يحق لها أن تهجره ، وإن تمادت في عصيانها يحق له أن يضربها لتعود للطاعة ، كل هذا التفضيل من عند الله ، حتى لو كانت ملكة متزوجة من رجل بسيط ، فإنه ينطبق عليها نفس الشيء .

وإذا كانت المرأة تتساءل لماذا كل هذا التفضيل ولماذا ليس المساواة ، فلتعلم أن الله خلق المرأة من الرجل لقوله سبحانه ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ... ) فالمرأة مخلوقة من الرجل ، فما كان من الرجل فهو في خدمته ، كعضو من أعضائه مثلا ، فهو يسيرها دون الإضرار بها ، وليعلم النساء أن الله قام بتفضيلات عديدة في خلقه ، فالملائكة ليسوا كالإنس ، وداخل الملائكة فضل بعضهم على بعض ، فجبريل أفضل من غيره ، وفضل الإنس بعضهم على بعض ، فالأنبياء أفضل من غيرهم ، وفضل الناس بعضهم على بعض في العلم ، وفي الجسم ، وفي العديد من جوانب الحياة ، ففي الرزق مثلا هناك أصحاب الشركات الكبرى ينعمون في الملذات ، وعندهم العشرات من العمال الذين يرهقون أنفسهم في خدمتهم مقابل أجور قد لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهم راضين بذلك ، وقد تجدهم يتسابقون على من يكون عاملا هناك ، يعمل لصاحب الشركة ، وحتى دون أن يراه ، وقد يحلم برؤيته ، أنظر لهذا التفضيل بين نفس الجنس ، والكل فرحان ولا أحد له أن يفعل شيئا ، ولا أحد ينادي بالمساواة ، والكل يعرف بأن من يطالب بالمساواة فهو ظالم ، فهذا التفضيل من الله وليس من صاحب الشركة كما يظن الناس ، فلو كان هذا التفضيل من صاحب الشركة لتفضل على جميع الناس ، ولا يترك أحدا أفضل منه ، فقد جعل الله التفضيل في كثير من الأمور كما ذكرت سابقا ، والكل يعترف بهذه الفوارق الموجودة بينهم ولا أحد يشكو من هذه الفوارق ، ولا أحد يتظلم منها ولا أحد يطلب المساواة ، فهل سمعت أحدا يطالب أن يساوي بينه وبين من هو أعلم منه مثلا ، ومن يستطيع أن يساوي بينهما ، إخوتي الكرام ، رجالا ونساء ، فمن وجد نفسه إنسانا فليحمد الله على ذلك ، فلو شاء الله خلقه غزالة مثلا أو جاموسا تأكله السباع كاملا بلا رأفة ولا شفقة ، ولا تسمع شكواه على الإطلاق ، ولو شاء الله خلقه ذبابة يقتله الإنسان بالمبيدات ، ولو شاء الله خلقه فأرا تجرى عليه التجارب حتى يلقى حتفه في المخابر ، فليحمد الله كثيرا كثيرا كثيرا على أن خلقه إنسانا ، وبذلك فقد كرمه على كثير من خلقه ، لقوله سبحانه ( ... ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ... ) 

فالله فضل الرجال على النساء وذلك عند بداية الخليقة ، فلما خلق الله آدم ، الرجل الأول ، كرمه الله بأن أمر الملائكة بالسجود له ، ولم تكن المرأة موجودة آنذاك ، ثم كرمه مرة أخرى بأن علمه الأسماء كلها ، في حين عجزت الملائكة عن العلم بها ، وأجريت المقابلة بينهما ، فاعترفت الملائكة بعجزها لما علمه الله ، وأخبرنا الله بذلك في قوله سبحانه ( ... وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ، فلما أنبأهم بأسمائهم ، قال ألم أقل لكم أني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون .. ) وبعد هذا التكريم الذي كرمه به أنعم عليه مرة أخرى بأن خلق منه زوجه وذلك ليسكن إليها ، فهي في خدمته وإنعاما عليه ، وذلك قوله سبحانه ( ... هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ... ) ثم أنعم عليه بأن جعل له من هذه الزوجة أولادا ، وفي سورة النحل أسهب كثيرا في ذكر النعم التي أنعم بها على الإنسان والخطاب موجه للرجال ، ومن بين تلك النعم التي ذكرهم بها ، ذكر النساء والبنين نعمة للرجال ، وذلك ما جاء في قوله سبحانه ( ... والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ، فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء ، أفبنعمة الله يجحدون ، والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات ، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون ... )أنظر كيف بين أن الأزواج والبينين والحفدة هم من نعم الله على الرجال ، فتأمل جيدا هذا الكلام ( والله جعل لكم ) وعبارة ( لكم ) تعني أن الله جعل النساء لصالح الرجال ، كما قال عن أشياء أخرى في نفس السورة بنفس العبارة ( جعلها لكم ) كقوله ( ... والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ... ) فالله ذكر الكثير من النعم في هذه السورة ، وفي كل مرة يذكر عبارة ( جعلها لكم ) فعبارة ( لكم ) لم تخل من الذكر كل مرة ، وعلى ذكر هذه النعم وفي سياق هذه الآيات جاء بذكر النساء والبنين والحفدة ، فكل هذه النعم هي للرجال بالدرجة الأولى ، وعندما يذكر الله الآخرة يبشر الرجال المؤمنين بما ينتظرهم يوم القيامة ، فيسرد لهم أصنافا من النعم ، ومن بين تلك النعم جعل لهم غلمان يقومون بخدمتهم ، وذلك قوله سبحانه ( ... ويطوف عليهم غلمان لهم ... ) أنظر لعبارة ( لهم ) المذكورة في الآية والتي توضح أن الله جعل الغلمان في خدمتهم ، ومن بين تلك النعم ذكر الله النساء أيضا ، فهم جزاء للرجال المؤمنين ، فالحور العين لا توجد في الدنيا ، وهذه نساء في الجنة ، فقد جعلهن الله جزاء للرجال المؤمنين ، ووصفهن بقاصرات الطرف ، ووصفهن بأنهن لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان ، ومن ذلك قوله سبحانه ( ... وعندهم قاصرات الطرف عين ...) أو ( ... فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... ) وكذلك النساء المؤمنات اللاتي يدخلن الجنة ، فقد جعلهن الله في خدمة الرجال أيضا ، فهن جزاء لهم ، وذلك قوله سبحانه ( ... إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا ، عربا أترابا 
لأصحاب اليمين ... ) أنظر ماذا قال في الأخير ( لأصحاب اليمين ) فهؤلاء النساء اللواتي أعدهن الله لرجال الجنة ألسن في خدمة الرجال أم أنهن سيطالبن بالمساواة ، أم أنهن غير راضين بمشيئة الله ، فالله فضل الرجال على النساء وجعلهن في خدمتهن ، والمرأة المؤمنة إذا تزوجت مؤمنا فإنها تنعم في طاعته وتجد استئناسا في خدمته ، وإذا أطاعته وهي تفوقه في قدراتها فهي تحس أنها تتقرب إلى الله بطاعته وتحس برضى الله نحوها ، وعندما يرى الرجل زوجته وأن الله خلقها له ، ليسكن إليها ، وهو يلمس ذلك حقيقة ، ويرى أنها في خدمته وطاعته ، فكل هذا يصنع جوا تملأه المودة والرحمة ، فالله هو الذي جعل هذه المودة والرحمة ، وذلك قوله سبحانه ( ... ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة ... ) وكلما التزم الاثنين بما أنزل الله كلما كبرت المودة والرحمة وقل التوتر بينهما ، وكلما التزم الاثنين بالقوانين التي أنزلها الله عليهما ، كلما اختفت مظاهر التنافر بينهما ، فالكل يعرف وظيفته من خلال التنزيل ، فلا مجال للوصول للضرب أبدا والناس يعملون بالتنزيل ، فعلى المؤمنات أن لا يغترن بما يوحيه الشيطان لأوليائه ، وعلى المؤمنات أن يطعن أزواجهن وليتبعن ما أنزل الله عليهم جميعا ، فمن أرادت أن تعرف ما لها وما عليها ، وما علاقتها بزوجها ، فلتقرأ ما أنزل الله ، ولتلتزم بما جاء فيه ، ذلك خير وأحسن تأويلا .

ــ الملاحظة الثانية
إن التفضيل الذي ذكره الله في آية القوامة هو التفضيل في الحقوق الزوجية التي منحها الله للرجال وليس في غير ذلك ، فيمكن للمرأة أن تحصل على جائزة نوبل في علم الفلك ، أو في الرياضيات ، وهذا لا يمنحها حق القوامة على زوجها ، ويمكن للمرأة أن تكون صاحبة شركة كبيرة ، ويعمل عندها الآلاف من الرجال ، وهي التي تسيرهم ، وهذا لا يمنحها القوامة على زوجها ، ويمكن لامرأة سوداء أن تشتري العديد من الرجال العبيد ذي بشرة بيضاء ، وإذا ما عصوها تضربهم كما تشاء ، ومع هذا فإنها لا تملك القوامة على زوجها ، إذن أخي الكريم ، أختي الكريمة ، فالتفضيل الذي ذكره الله في القوامة يخص التفضيل في الحقوق الزوجية فقط .

الملاحظة الثالثة 
إن آية القوامة ذكرت الرجال والنساء ولم تذكر الأزواج والزوجات ، وقد يبدو أن القوامة هذه هي لجميع الرجال على جميع النساء ، والحقيقة أن القصد من الرجال والنساء هو الرجال المؤمنين بما أنزل الله وأزواجهم ، وكثيرا ما يخاطب الله الأزواج بذكر الرجال والنساء كقوله تعالى ( ... وإذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ... ) فالله ذكر النساء هنا ولم يذكرهن بالزوجات علما أن القصد هو الزوجات ، ونفس الشيء في قوله تعالى ( ... نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ... ) فقوله ( نساؤكم ) يعني أزواجكم ، إذن ذكر الرجال والنساء في آية القوامة يعني الأزواج ، ويعني بالضبط الرجال الذين يؤمنون بالتنزيل مع أزواجهم ، فالرجال الذين لا يؤمنون بالتنزيل ليسوا معنيين بالآية ، فالكفار مثلا لا تحق لهم القوامة على النساء المؤمنات ، فهؤلاء رجال وهؤلاء نساء ولكن لا تحق القوامة عليهن ، وذلك بسبب كفرهم لما أنزل الله ، إذن فالآية تعني المؤمنين فقط ، فالموعظة والهجر والضرب يخص المؤمنين فقط ، فعند غير المؤمنين تجد المساواة ، وعند بعض الشعوب تجد القوامة للنساء على الرجال ، ففي الهند مثلا تجد المرأة هي التي تدفع المهر للرجل ، وبالتالي من حقها أن تقود الرجل من الأذنين ويمكنها الركوب عليه ، وحتى في الأوساط الإسلامية تجد الكثير من النساء من تقلدوا القوامة على أزواجهن ، وفي كل هذه الحالات وبدون استثناء تجد الزوجين لا يعلمون ما أنزل الله إلا القليل ، وتجدهم يرفضون التنزيل الذي يعترض مع مصالحهم ، بل ويعمل الكثير منهم على محاربته ، وهؤلاء هم الذين تجدهم يجادلون في مثل هذه الآيات وغيرها كالحجاب وحد السرقة وغير ذلك من التنزيل ، فليعلم هؤلاء أن الآية لا تعنيهم ، ولا أحد يضربهن ، بل يمكنهن أن يضربن أزواجهن وكيف ما يشأن ، فالآية لا تعنيهن ، إنما تعني الذي يؤمنون بما أنزل الله على محمد ، الذين يؤمنون به كله ، لا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، إذن فالقوامة تعنينا نحن الذين نؤمن بما أنزل الله علينا 
فالأمر يخصنا نحن وأزواجنا ، ونحن راضين به ، ولم نشك لأحد عن الضرب ولا عن الحجاب ولا عن الحدود الأخرى ، وكل ما أنزل الله آمنا به ، وإذا عصينا وقد أنزل الله في ذلك الجلد فنمد ظهورنا راضين بذلك ولا نقول لمن جلدنا إلا خيرا ، وهذا غير كاف بل علينا أن نسأل الله أن يغفر لنا ، أختي المؤمنة عليك أن تطيعي الله في ما أنزل علينا ، وعليك أن تطيعيه في أمر به من طاعة زوجك ، وإن عصيت ووصل الأمر إلى ضربك فلا تلومين إلا نفسك ، ولا تقولي لزوجك إلا خيرا .


الكاتب : بنور صالح


bennour
bennour
Admin

المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى