قرية قوم لوط

من طرف bennour الأربعاء يناير 23, 2019 11:15 pm

قرية قوم لوط

المرجع الوحيد الذي يفيد العلم في الكلام في الغيب هو القرآن ، وكل ما سواه فهو ظن ، ووصف قرية لوط بأنها سدوم وعامورة فهو مأخوذ عن أهل الكتاب وليس من القرآن علما أنهم هم من حددوا موقعها بالقرب البحر الميت ثم راحوا يبحثون عنها في تلك الأرض فلم يجدوها ثم قالوا ربما أنها موجودة في البحر فأعدوا العدة لهذا بأن أحضروا غواصة وراحوا يغوصون في البحر الميت لعلهم يجدون ما كانوا يزعمون ، وفي النهاية لم يجدوها أيضا في البحر ، فبطلت تلك الأقاويل ويبقى الحق هو ما جاء به القرآن ، وأرجو المطالعة على الفيديوهات المنشورة على اليوتيوب والتي تبين فشل الباحثين عن القرية في الأردن لتتأكد بنفسك من أن الطريق الذي سلكوه هو طريق الظن الذي لا يغني من الحق شيئا
هناك العديد من راح يروج لتلك المزاعم السابقة الذكر على أن قرية قوم لوط هي بالأردن وذلك لإبطال وجود مكة والمسجد الحرام وكل ما يتبعها من حج وقبلة ، وهناك من أراد أن ينسف صحة القرآن انطلاقا من ذلك أيضا والعديد من هؤلاء كفروا كلية في النهاية وتحولوا إلى ربوبيين على حد تعبيرهم .
ماذا قال الله لنا عن هذه القرية ؟
إن الله لم يذكر أبدا أنهما قريتين أو أكثر من ذلك كما تقول الروايات ولم يقل أبدا أنها مدينة بل ذكرها على الدوام أنها قرية ، قال تعالى .... ولوطا أتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث ..... وقال في آية أخرى ..... فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم .....
إن النبي لوطا صلى الله عليه كان من أهل القرية ولم يكن دخيلا عليها كما تقول الأخبار ، فالله يصف أهل القرية بأنهم قومه ، قال تعالى .... ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ..... فالمعروف أن الله يبعث الأنبياء في أقوامهم فيكونون معروفون لديهم وثقة عندهم فهم يعرفونهم كما يعرفون أبناءهم فهو يصفهم بإخوانهم وكذلك وصف الله لوطا بأخيهم قال تعالى .... إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون .....
أما القول بأن امرأة لوط خرجت معه والتفتت فأصيبت جراء ذلك فهذا التفسير لا أراه صوابا ، والذي أراه في تفسير الآية ..... فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم ..... إن الاستثناء في قوله .... إلا امرأتك ..... معطوف على الإسراء بالأهل وليس معطوفا على الإلتفات وللتوضيح أكتب الآية بهذا الترتيب فهي تقول ما يلي **** فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم ، ولا يلتفت منكم أحد *****
أما تفسير قوله .... ولا يلتفت منكم أحد ..... فلا تعني أنها نظرت إلى الخلف بل المعنى أنه بعد خروجهم من البيت قد ينسى أحدهم شيئا في البيت ويتذكره وهو يسير في الطريق فيريد العودة إليه ليأتي به فالله نبههم بأن لا يعودوا إليه وأرشد لوطا بأن يسير خلف أهله وهم يسيرون أمامه ، قال تعالى .... فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون ..... فقد منحهم الله الوقت الكافي وأعلمهم أن العذاب يأتيهم صباحا لقوله تعالى ..... إن موعدهم الصبح .... وهم خرجوا بقطع من الليل فلا معنى للنظر خلفهم وهم بعيدون كل البعد عن منطقة العذاب ، وبالتالي فالالتفات لا يعني بتاتا النظر إلى الخلف .
خلاصة القول أن امرأة لوط لم تخرج معهم ولم تسر معهم بالليل بل بقيت مع القوم وأنها لم تلق العذاب نتيجة الالتفات بل إنها كانت من القوم فلقيت نفس المصير وفي نفس المنطقة التي نزل بها العذاب وليس خارجها وكل ما يقال من حجر في شكل عمودي على هيئة بشر أنه امرأة لوط فهو غير صحيح ، إنما هو حجر مثل أي حجر ولا علاقة له بها ولا بالقضية إطلاقا .
والآن أين هي قرية قوم لوط ؟
قال المولى عز وجل .... وإن لوطا لمن المرسلين ، إذ نجيناه وأهله أجمعين ، إلا عجوزا في الغابرين ، ثم دمرنا الآخرين ، وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون .....
والظاهر من الآية أن الخطاب موجه لقوم النبي أي أن القرية موجودة قريبا من مكة وأنها كانت معروفة عندهم آنذاك وأن أثر النقمة كانت لا زالت ظاهرة آنذاك فلو يسمح للباحثين بالبحث عنها قريبا من مكة كما قاموا بالبحث عنها في أماكن أخرى فما من شك أنها توجد هناك .
إن العديد من الأنبياء ارتبطت علاقتهم بالصحراء ، فمثلا نبي الله عيسى ولد في الصحراء انطلاقا من قوله تعالى .... وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا .... فالنخل الذي تساقط منه الرطب لا يمكن أن يكون في بيت لحم ، وإذا انطلقنا من هذا ونحن نعلم أن مريم انتبذت من أهلها مكانا شرقيا أي أن أهلها كانوا في منطقة مجاورة وهؤلاء هم آل عمران لقوله تعالى .... ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ..... فهذا يعني أنهم كانوا يعيشون في الصحراء على الأقل في هذه الفترة .
ونفس الشيء بالنسبة لنبي الله يعقوب صلى الله عليه فعندما أرسل أبناءه ليميروا لأهلهم كان ذلك على البعير لقوله سبحانه .... هذه بضاعتنا ردت إلينا ، ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ..... فإذا كان لكل واحد منهم بعير وهم أحد عشر فهذا يعني أنهم كانوا يسرحون بهذا البعير أيضا وبالتالي كانوا يعيشون في الصحراء ، وعندما نقول يعقوب وأبناؤه فهذا يعني بني إسرائيل أي بني إسرائيل كانوا في الصحراء ولا بد وأنهم تفرقوا في الصحراء وغيرها ، فوجودهم في الصحراء حاضر ولا يغيب عن المشهد ، والآن ننتقل إلى سورة الحشر وقوله تعالى .... هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله .... فإنهم كانوا كثيرا ويعيشون في حصون وكل منهم له حصنه الخاص وسبب إخراجهم هذا أنهم ظاهروا المشركين على محاربة النبي والمؤمنين يوم الأحزاب ، قال الله تعالى .... وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم و.ديارهم وأموالهم .... وهذا يعني أنهم كانوا مجاورين لقوم النبي في منطقة صحراوية ، فالقرآن فيه العديد من الآيات التي تذكر الخطاب المتبادل بين أهل الكتاب والمؤمنين وبين أهل الكتاب والمشركين كقوله تعالى .... ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ......
عندنا أيضا منطقة صحراوية قريبة من القدس وقد تنطبق عليها الأمثلة السابقة ، والآن نأخذ قضية الإسراء وبالضبط قضية المسجدين والذي قال الله عنهما ..... سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ...... وإذا أخذنا المسجد الأقصى بالقدس فيجب أن يكون المسجد الحرام بعيدا عنه بما يكفي بحيث يكون مسجد القدس يتصف بالأقصى وبالتالي تستبعد المناطق الصحراوية القريبة من القدس ، وكذلك تستبعد أرض الفراعنة لهذا السبب فإنها قريبة من القدس ، والسبب الثاني أن أرض الفراعنة عاش فيها موسى وأنذر القوم هناك بما فيهم بني إسرائيل آنذاك وكذلك عاش فيها نبي الله يوسف ، والله يقول عن أهل مكة أنهم لم يأتهم نبي من قبل ، قال تعالى ..... أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ...... فنبينا محمد صلى الله عليه هو أول وآخر نبي جاء أهل مكة فلم يأتهم أحد قبله ولا يأتهم أحد بعده هم ذرية إبراهيم من إسماعيل وهذه المواصفات تعطي القوم المهمشين أكثر الحظوظ بأن يكونوا هم أهل مكة حاليا بحيث لا تجتمع كل هذه المواصفات في غيرهم وبالتالي فقرية قوم لوط صلى الله عليه توجد قريبا من مكة المعروفة حاليا . فعلى الباحثين أن يبحثوا قريبا من مكة إن أرادوا الوصول للحقيقة .
يتبع إن شاء الله
أطلب من القارئ أن يطرح أسئلته أو اعتراضه حتى أجمع الأسئلة والاعتراضات لأجيب عليها إن شاء الله متى توفر لي الوقت ، علما أني سأنشر إن شاء الله فيديوهات حول هذه القضايا لمن أراد متابعتها .

الكاتب : بنور صالح
التاريخ : 11 / 05 / 2018