إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
صفحة 1 من اصل 1
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
قال الله سبحانه ( ... إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ... ) ماذا تعني هذه الآية ؟ إنها آية بسيطة ولكن الهداية التي فيها لا يمكن أن ندركها إلا أن يهدينا الله إليها ، لاحظ معي في قوله ( كتابا موقوتا ) فالله يقول ( كتابا موقوتا ) وليس كتابا ميقاتا ، هناك فرق بين موقوتا وميقاتا ، فالميقات هو الذي يدل على وقت معلوم يقام فيه الشيء كقوله تعالى ( ... إن يوم الفصل كان ميقاتا ... ) أو كقوله ( ... فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ... ) فهذا هو الميقات ، أما الموقوت فيعني مقدر بوقت ، تمعن في الآية جيدا ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) فهذه الآية تحق على المؤمنين في كل زمان ومكان ، فمتى ظهرت الصلاة إلا وكانت عليهم كتابا موقوتا ، لنأخذ الصلاة التي نزلت في البداية وهي قوله تعالى ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا ، نصفه ، أو انقص منه قليلا ، أو زد عليه ... ) هذه هي الصلاة التي فرضها الله في البداية ، انظر كيف كانت مقدرة بوقت يقارب نصف الليل ، وليس تعيين وقت تقام فيه ، وهذه الصلاة المقدرة بما يقارب نصف الليل هي على المؤمنين كتابا موقوتا طبقا للآية السابقة ، فمتى وجد المؤمنون وكانت عندهم صلاة مفروضة إلا وينطبق عليهم قوله ( إن الصلاة كانت على المؤمنون كتابا موقوتا ) وهذه الصلاة كانت مفروضة آنذاك ، وكانت مقدرة بالوقت كما ترى ، إذن ( كتابا موقوتا ) تعني مقدرة بالوقت ، علما أن الآية ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) نزلت لما تكلم الله عن التقصير في الصلاة ، أي لما تكلم عن التقصير في الوقت ، من قوله تعالى ( ... وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ... )فالتقصير هنا ليس في عدد الركعات ، وإنما التقصير في الوقت ، لذا قال في النهاية ( ... فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ... ) أي فإذا ذهب الخوف فأتموا وقتها ، وأعقبها بقوله ( ... إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ... ) فهذه الآية جاءت بمناسبة التقصير في الصلاة أي التقصير من الوقت ، فلو كانت الصلاة تقدر بعدد الركعات لما احتاجت للتقصير ، فكان بإمكان كل المصلين أن يصلوا صلاتهم كاملة دون حاجة للتقصير ما دام هناك متسع من الوقت ، لكن بما أن الصلاة مقدرة بالوقت ، أي لها وقت واحد تؤدى فيه ، وتأخذ كل الوقت من بدايته إلى نهايته ، وبنهايته تنتهي الصلاة ولا يوجد وقت آخر تؤدى فيه ، لذا رخص الله لنا في التقصير في مثل هذه الحالات ، إذ لا يوجد أي حل آخر ، فإذا حضر وقت الصلاة وجب على المؤمنين جميعا الدخول في الصلاة إلى أن ينتهي الوقت ، وهذا ما يجعل التقصير مبررا والآية مناسبة أيضا ، فكلمة ( كتابا موقوتا ) جاءت لتبين بأن مقدار الصلاة شيء مقدس ، وكأنه يقول إن الصلاة لا تقبل التقصير أبدا وإني رخصت لكم في هذه الحالة فقط .
إن الصلاة إذا فرضت فإنها تقدر بوقت ، فليس للشخص أي اختيار في الوقت ، لا في تقديمه ولا في تأخيره ولا في التقصير من مقداره ، وهذا التقييد هو الذي يجعل من الصلاة فرضا ، وهذه الصلاة هي التي ينطبق عليها قوله تعالى ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) أما إذا رفع عنها المقدار بحيث يصبح اختياريا حسب كل شخص فلا تصبح كتابا موقوتا وتتحول إلى نافلة ، فهل النافلة كتابا موقوتا ؟ فالصلاة التي أنزلها الله وفرضها لأول مرة كانت مقدرة بوقت يقارب نصف الليل ، وكانت حينها على المؤمنين كتابا موقوتا ، فلما خفف الله عنا ورفع عنا مقدارها بحيث جعله اختياريا حسب كل شخص تحولت هذه الصلاة إلى نافلة ولم تعد كتابا موقوتا رغم أن وقت أدائها بقي محصور في الليل فقط ، فوقتها الذي تؤدى فيه هو الليل لكن يصلي كل قدر ما شاء من الوقت ، لنعد ما قاله الله في هذه الصلاة ، يقول تعالى ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ، وطائفة من الذين معك ، والله يقدر الليل والنهار ، علم أن لن تحصوه فتاب عليكم ، فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) فبقوله ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) رفع المقدار ، وبهذا أصبحت نافلة كما قال تعالى عنها في آية أخرى ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) فالنافلة تلك الصلاة السابقة ووقتها هو الليل ، لكن بدون مقدار معين ، وهذه ليست كتابا موقوتا .
ــ إن الصلاة التي فرضها الله علينا في البداية كانت مقدرة بالوقت ، ولماذا نسخ الله تلك الصلاة وجعلها نافلة ؟ والجواب قد أخبرنا الله به في قوله تعالى ( ... علم أن سيكون منكم مرضى ، وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ، وآخرون يقاتلون في سبيل الله ، فاقرءوا ما تيسر من القرآن ... ) فلهذه الأسباب نسخ الله الصلاة المفروضة الأولى ، وذلك لأن هذه الصلاة كانت تأخذ معظم الليل ، ما يقارب نصف الليل ، والليل هو الذي يرتاح فيه الناس من تعب النهار ، وبما أن الله نسخ الصلاة المفروضة الأولى وجعلها نافلة فلا بد أن هناك صلاة مفروضة أخرى تحل محلها في فرضيتها ، وإلا يصبح المؤمنون بدون صلاة ، أليس كذلك ؟ إذن هناك صلاة أخرى مفروضة ، والسؤال الذي أطرحه عليكم ، كيف ستكون هذه الصلاة من ناحية الوقت ؟ هل تكون مقدرة بوقت أم لا ، إذا لم تكن مقدرة بوقت فستكون كالأولى نافلة واختيارية حسب رغبات الأشخاص وبالتالي فلا توجد هناك صلاة مفروضة ، إذن فلا بد أن تكون الصلاة المفروضة الأخيرة مقدرة بالوقت ، وتلك هي الصلاة التي جاءت في قوله تعالى ( ... أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ... ) فقوله ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) واضح وضوح الشمس بأن الصلاة مقدرة بالوقت ( لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) فماذا تريدون بعد هذا ، وكيف تريدون أن يخاطبكم الله ليقول لكم بأن الصلاة مقدرة بالوقت ، فاتقوا الله يا إخواني المسلمين ، إن الصلاة المفروضة الأولى كانت في الليل ، والليل لا يوجد فيه معالم لتحديد المقدار ، وبالتالي فالمقدار جاء بما يقارب نصف الليل مع إمكانية إنقاص منه بعض الشيء أو الزيادة عليه ، وقد بين أن الزيادة لا يوجد فيها إشكال بينما أعطى تنبيها على النقصان بحيث لا يكون إلا شيئا قليلا ، لا حظ معي ماذا قال ( نصفه ، أو انقص منه قليلا ، أو زد عليه ) فالإنقاص لا يكون إلا بشيء قليل ، هذا لكي تعلم بأن الصلاة لا يمكن التلاعب بمقدارها أبدا ، أي أن التقدير بالوقت شيء مهم جدا جدا ، هذا في ما يخص الصلاة الأولى التي كانت في الليل ، فالليل لا يوجد فيه معالم لتحديد المقدار بدقة ، لكن الصلاة المفروضة الأخيرة جاء المقدار محددا بمعالم مثل طلوع الشمس وغروبها ، وبداية النهار ونهايته ، وكذلك بداية الليل وغسقه ، وهذه المعالم هي التي عينت المقدار وحددته ، فالصلاة الأولى تنتهي قبل طلوع الشمس ، والصلاة الثانية تبدأ قبل الغروب كما قال سبحانه ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) والصلاة الثالثة تنتهي بغسق الليل كقوله ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) إذن فكل شيء واضح ، فالصلاة المفروضة الأخيرة جاءت مقدرة بالوقت ولا بد أن تكون كذلك ، وهذا ما يصدق في قوله سبحانه ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )
.
آخر تعديل bennour يوم 12-04-09 في 23:12.
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى