وزلفا من الليل
صفحة 1 من اصل 1
وزلفا من الليل
وزلفا من الليل
يقول الله سبحانه ( ... وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ... ) ما معنى ( وزلفا من الليل )
ــ إن كلمة [ زلف ] تستعمل دائما بين شيئين اثنين ، فأينما تذكر إلا وتجدها تربط بين شيئين ، لنضرب بعض الأمثلة :
( ... وأزلفت الجنة للمتقين ... ) في هذه الآية هناك الجنة وهناك المتقين ، وكلمة [ زلف ] جاءت بينهما .
( ... ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ... ) في هذه الآية جاءت كلمة [ زلف ] بين الله والمشركين .
( ... فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ... ) في هذه الآية هناك العذاب وهناك الذين كفروا وكلمة[ زلف ] جاءت بينهما ، هذا ما تجده في عموم الكتاب ، كلمة [ زلف ] تأتي بين طرفين أو جهتين ، فهي دائما بين اثنين ، لذا فهي تأتي وصفا لهذه العلاقة بين الإثنين ، وليست إسما لشيء معين ، وأقرب المعاني لكلمة [ زلف ] هو القرب .
لنعود الآن إلى الموضوع ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) فالآية تبين مقادير الصلاة ومواقيتها ، فالطرف الأول من النهار صلاة ، والطرف الثاني من النهار صلاة ، ثم قال ( وزلفا من الليل ) وماذا يوجد بعد حرف الواو في كلمة [ وزلفا ] فهناك كلام مستتر بعد حرف الواو في ما معناه [ وأقم الصلاة مقدارا زلفا من الليل ] هذا ما يفهم من قوله ( وزلفا من الليل ) فكلمة زلفا ليست جمعا وإنما هي صفة للطرف الأول من الليل ، فالليل له طرفين أيضا ، أول الليل وآخره ، وقوله ( وزلفا من الليل ) يعني به الطرف الأول من الليل والذي هو قريب من النهار ، والآية التالية تشرح السابقة ، الآية ( ... أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، وقرآن الفجر ... ) وهذه الآية تتطابق كليا مع سابقتها ، وهذا يعطي زيادة في التوضيح ، فالجزء الأول من الآية ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) يشترك فيه الطرف الآخر من النهار ويليه الطرف الأول من الليل ، وهذا الأخير يعني الجزء الأول من الليل هو المعني بالأمر في قوله ( وزلفا من الليل ) وبالتالي فهو وصف للطرف الأول من الليل ، وهذه الآية تبين بأن هذا الطرف ليس مجزءا ، بل هو مستمر وعنده نهاية فهو يبدأ من بداية الليل وينتهي بغسقه ، فلا يمكن القول بأن كلمة [ زلفا ] تعني أجزاء من الليل .
ــ بعض التوضيحات
إن الفجر مجال من الوقت وليس نقطة من الوقت كما يتخيل البعض ، فمنذ أن يبدأ النهار إلى أن تطلع الشمس بازغة كل هذا يسمى الفجر ، فالفجر مجال من الوقت ، ونفس الشيء بالنسبة للعشاء ، فهي مجال من الوقت وليس بداية لوقت معين ، فصلاة الفجر هي مقدار من الوقت وصلاة العشاء هي مقدار من الوقت ، وهذه المقادير محددة ، فصلاة الفجر محددة بطلوع الشمس وصلاة العشاء محددة بغسق الليل ، نفس الشيء بالنسبة لقوله تعالى ( وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن بالعشي والإشراق ... ) فالعشي مجال من الوقت والإشراق مجال من الوقت ، والعشي في هذه الآية يعني ( لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) أي الصلاة في هذا الوقت أما الإشراق في الآية فيعني ( الفجر ) فمع بداية النهار تبدأ الشمس في الإشراق وتبقى تتقدم في الإشراق إلى حين تشرق ، وهذا المجال من الوقت هو الإشراق ، وهو وقت الفجر أي صلاة الفجر ، فالصلاة التي كان يصليها داوود هي نفسها التي صلاها إبراهيم ومن قبله ومن بعده من الأنبياء ، وهي نفسها التي صلاها نبينا والتي أمرنا الله بها وأنزلها في كتابه الكريم ، فالصلاة هي نفسها عند جميع الأمم على مر التاريخ .
.
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى