يوجد الناسخ والمنسوخ
صفحة 1 من اصل 1
يوجد الناسخ والمنسوخ
يوجد الناسخ والمنسوخ
لكي نقول بأن هناك ناسخ ومنسوخ بالمعنى المفهوم عند الجميع علينا أن نثبت ولو مرة واحدة أن هناك أحكام أوقفها الله واستبدلها بأحكام أخرى هي الفاعلة ، فإذا أثبتنا هذا واستخرجنا آية استبدل الله حكمها بحكم آخر فعلينا أن نقبل بالناسخ والمنسوخ سواء بهذا المصطلح أو مصطلح آخر كأن تقول الفاعل والموقوف أو أي مصطلح آخر ، المهم أن يصب في نفس الهدف ، وإليكم الآية التالية :
يقول سبحانه ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا ، نصفه أو انقص منه قليلا ، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ... ) هنا نجد الصلاة المفروضة مقدرة بما يقارب نصف الليل ، وهذا هو الحكم الذي أنزله الله وفرضه في بداية سورة المزمل .
وأنتقل الآن إلى ما نزل في نهاية سورة المزمل ، يقول الله فيها ( ... إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ، وطائفة من الذين معك ، والله يقدر الليل والنهار ، علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن ، علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ، فاقرأوا ما تيسر منه ... ) إن الله بين لنا بأن الحكم الذي أنزله الله في بداية السورة قد عمل به المؤمنون فترة من الزمن ، وهذا واضح في قوله ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ) أليس هذا هو الذي أنزله في بداية السورة ؟ ثم انظر كيف غيره الله بحكم آخر عندما قال ( علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن ) ألا ترون بأن الحكم قد تغير الآن ، فأين هو نصف الليل الذي كان مفروضا في بداية السورة ، ومن منكم يصلي نصف الليل فرضا يوميا ، فإما أنكم عاصون الله فلا تفعلون بما يأمركم به وإما أنكم تكذبون ، ثم فوق كل هذا فالله بين هنا سبب التغيير حين قال ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ، فاقرأوا ما تيسر منه ) إذن فالحكم الثقيل الذي نزل في البداية تغير بحكم خفيف في النهاية ، وإلا لكنا اليوم نصلي تلك الصلاة المفروضة في البداية ، إذن فقد جئنا بحكم استبدله الله بحكم آخر .
ــ وأنتقل الآن إلى الآيات المنسية
لنأخذ قضية القبلة مثلا والتي يقول الله فيها ( ... وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ... ) فالقبلة تغيرت ، والقبلة الحالية آيتها موجودة أما القبلة الأولى فآيتها غير موجودة وهذا يعني أنها حذفت ، ونفس الشيء بالنسبة للجماع ليلة الصيام ، فالجماع كان محرما ثم غير الله حكمه وجعله حلالا ، الآية ( ... علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ، فالآن باشروهن ... ) فهذا حكم تغير من حرام إلى حلال ، فحكم الحلال موجود وأما حكم الحرام فغير موجود ، وهذا يعني أنه حذف .
ــ لنأخذ قضية الزنى ، يقول الله سبحانه ( ... واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ... ) هذا الحكم هو الذي كان يعمل به ، فاستبدل بحكم الجلد ، وآية الجلد معروفة وهي الفاعلة ، إذن هناك أحكام تغيرت وأخرى توقفت وهذا ما يسمى بالناسخ والمنسوخ ، والله يقول ( ... وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر ، بل أكثرهم لا يعلمون ، قل نزله روح القدس من ربك بالحق ... ) فالآية التي استبدلت جاءت مكانها آية أخرى والذي يتلوها على الناس هو النبي ، لذا لما رأوا أن هناك استبدال في الآيات ظنوا أن النبي هو الذي يفعل هذا من عنده فرموه بالافتراء معاذ الله ، وهو قولهم ( إنما أنت مفتر ) فرد الله عليهم بقوله ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ) فالكلام عن القرآن وليس عن آيات حسية ، وإليك الكلام من البداية ، يقول الله سبحانه
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ{98} إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{99} إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ{100} وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{101} قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ{102} وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ{103} إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{104} إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ{105}
تأمل جيدا هذا المقطع ، فهو يتكلم عن القرآن من البداية إلى النهاية ، فالبداية هي ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الجيم ) فالكلام عن القرآن ، وفي نفس السياق يقول الله ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ) فالآية هنا هي آية من القرآن وليس آية كونية ، وفي نفس السياق يواصل الله قوله فيقول ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ) ردا على قولهم ( إنما أنت مفتر ) وفي نفس السياق أي لا زال الكلام عن القرآن ، ولقد رموا النبي بفرية أخرى ، يقول الله عنهم ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) وكلمة ( إنما يعمه ) و ( وقل نزله ) فالهاء في هذه الكلمات كلها تعود على القرآن ، وبما أنهم رموا النبي بالافتراء فالآية في آخر المقطع جاءت تقول ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )فالذي يفتري الكذب هو الذي لا يؤمن بآيات الله ، أي آيات الله القرآنية ، ( وإولئك هم الكاذبون ) وكلمة ( أولئك هم ) تنفي أن النبي هو الذي يكذب وتنسب الكذب إليهم هم ، أي هم الذين يكذبون وليس النبي ، وهذا ردا على قولهم ( إنما أنت مفتر ) وهذا يعني ان الافتراء والكذب الذي تتكلم عنه هذه الآيات هو عن آيات القرآن وليس عن آيات حسية ، إذن فالمقطع كله يتكلم عن القرآن وعليك أن تعيد قراءته مرة أخرى وتمعن جيدا فيه ، وهذا الجزء يحكم قطعا على تبديل الآيات ، ومن أراد النقاش فلنناقش هذا الجزء بالذات وآيات الصلاة في المزمل ولا نتكلم عن شيء آخر .
والذي يهم في كل هذا أن هناك استبدال لبعض الآيات والأحكام بغض النظر عن كلمة نسخ ماذا تعني ، وإن كان معناها في الكتاب هو الإلغاء أو الحذف ، وأما نسخ بمعنى كتب فهو مستخرج من اللغة الشعبية التي نتعامل بها وليس لغة القرآن الذي هو اللغة العربية الأصلية والحقيقية ، فكلمة نسخ في لغة القرآن لا تعني كتب بل ألغى أو حذف والذي يعني كتب في لغة القرآن هو كلمة [ استنسخ ] وليس [ نسخ ] الآية ( ... هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ... ) فكلمة استنسخ هي التي تعني الكتابة وأما نسخ تعني الإلغاء ، الآية ( ... ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ... ) وهذه الآية تطابق تماما ما قيل سابقا من استبدال للأحكام .
وإذا كان من يستغرب ويقول كيف بكلمة لها نفس المشتق وهي تحمل الضدين في المعنى ، فأقول له اقرأ قوله تعالى( ... وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ... ) فالظن في هذه الآية يعني الشك ، وإليك آية أخرى يقول سبحانه ( ... واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ، الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ... ) وانظر إلى الظن في هذه الآية فهو يعني اليقين وليس الشك ، إذن فكلمة الظن تعني الضدين الشك واليقين ، وحسب الآية يعرف معناها .
وأما من يستغرب ويقول كيف يبدل الله أحكامه أو كيف يبدل آياته فأقول له إن الله بدل كتبا بكاملها وليس بعض الآيات ، فأين هو التوراة والإنجيل ، وأين هي الكتب الأولى التي أنزلها الله على الأمم السابقة ، وحتى اسماؤها لم تذكر ناهيك عن محتوياتها .
أرجو أن ينقل هذا الموضوع إلى موقع أهل القرآن .
الكاتب : بنور صالح
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى