الركوع المجازي

من طرف bennour الجمعة يناير 25, 2019 12:12 am

الركوع المجازي

إن الذي أراه حسب علمي لحد الآن أن الركوع المجازي هو الاستغفار والإنابة إلى الله ، فإذا لم يكن الركوع في الآية يعبر عن حركة فعلية فهو يعبر مجازا عن التوبة والاستغفار ، وهذا ما أريد توضيحه في هذا الموضوع بإذن الله .

نأخذ الآية التالية
( ... وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ... ) تابع معي جيدا هذه الآية ، ماذا حدث في هذه الآية ؟ هناك ركوع فعلي وقع فعلا وبدون أي شك ، وهل كان هذا الركوع في الصلاة ؟ لا إنما كان في باب آخر تماما ، كان في باب التوبة والاستغفار ولم يكن في الصلاة ، فالنبي داوود لما أحس أو أدرك أنه وقع في ذنب أو إثم رجع إلى الله وذلك بأن خر راكعا أي قام بحركة الركوع ، ولا ندري إن أتبعها بالسجود أم جثا على ركبتيه واستغفر الله ، فلا يمكن أن نقوم بالسجود إذا لم يكن وقت الصلاة مفتوح ، فلا يمكن أن نسجد في الظهيرة مثلا ، فلو جاز السجود لجازت النوافل ، هذه كمعلومة فقط ، نعود الآن للموضوع ، إن الركوع الذي حدث في الآية هو نتيجة ذنب أو إثم يراد منه التوبة والاستغفار ، وخصوصا عندما أعقب الله على فعله هذا بأن قال ( ... فغفرنا له ذلك ... ) أي عندما قام داوود بالركوع واستغفر الله استجاب الله له فغفر له ذلك ، إذن فالركوع كحركة بمفرده مع الاستغفار دون قراءة للقرآن والتسبيح فهو يستعمل في التوبة والرجوع إلى الله وهو مفيد ، ومن ثم إذا ذكر الركوع بمفرده فهو يدلل مجازا على الاستغفار والرجوع إلى الله ، والآن آخذ الآيات التي وقع فيها الإشكال في ذكر الركوع .

ــ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين
فالركوع هنا جاء مجازا ويعني يا مريم كوني مع المستغفرين الله وذلك بأن تكثري من ذكر الله بالصلاة الذي عبر عنه في البداية بقوله ( اقنتي لربك واسجدي ) أي الإكثار من ذكر الله بالصلاة ، وهذا الفعل هو ما يقوم به المستغفرون أي الذين يكثرون الاستغفار وهو الإكثار من الصلاة والذي قال الله عنهم ( ... والمستغفرون بالأسحار ... ) فالصلاة استغفار كقوله ( ... واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ... ) فالصلاة تذهب السيئات كما قال الله
( ... وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ... ) وكأن الله يقول لمريم أكثري من الاستغفار بأن تفعلي ما قلت لك من إقامة الصلاة والإكثار منها فإنه يوجد آخرون يفعلون مثل هذا فكوني مع هؤلاء .

ــ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون
إن هذا الكلام قيل للمشركين ، فالركوع هنا ليس هو الصلاة ولا هو مجازا عنها إذ لا يمكن أن يؤمر المشركون بالصلاة وهم لم يؤمنوا بعد ، فالركوع جاء هنا مجازا ليعبر عن التوبة والاستغفار أي ارجعوا إلى الله وتوبوا إليه واستغفروه ، وهذا ما يؤمر به المشركون في بداية كل دعوة إلى الله بأن يقول لهم أنبياؤهم توبوا إلى الله واستغفروه أي اعدلوا عن شرككم وعودوا إلى الله بالتوبة إليه واستغفروه مما أنتم تفعلون من المنكرات التي ما أنزل الله بها من سلطان .
وإليكم بعض الآيات التي تبين بأن الاستغفار يكون مطلوبا في بداية الدعوة ، فالله قال لنبينا { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } ونوح قال لقومه { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } وهود قال لقومه {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } وشعيب قال لقومه {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } هذا ما تجده في بداية الدعوة الاستغفار والتوبة إلى الله مما يكون عليه القوم والدخول في صفحة جديدة مع الله ولا تكون البداية بالصلاة والناس مشركون مع الله آلهة أخرى ، إذن فالكلام عن الركوع في مثل هذه الظروف هو تعبير مجازي عن التوبة والاستغفار وليس عن الصلاة .

ــ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
أي الذين يقيمون الصلاة وهم راكعون ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، فالركوع هنا تعبير مجازي عن الاستغفار أي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم يرجون من الله المغفرة بهذا العمل .

عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا

الكاتب : بنور صالح

التاريخ : 12 مارس 2010