قصة من حقيقة عجيبة رقم 01
صفحة 1 من اصل 1
قصة من حقيقة عجيبة رقم 01
الصفحة رقم 01
ملاحظة : كل ما سأذكره لكم هو تعبيري بالمعنى إلا ما كان آية من قرآن
إن والدي ووالدتي رحمهما الله لا يعرفان الكتابة ولا القراءة ولا يعرفان في الدين إلا ما يعرفه الجميع فهما كما يقال أميان ، ماتت أمي وأنا ما يقارب العشر سنوات ، فنشأت على اليتم باكرا
وأنا صغير رأيت في المنام نبي الله إبراهيم قد أعطى أخي الأصغر ألواحا ، رأيت كف يده مبسوطة في الهواء وبجانبها ألواح على شكل عيدان كما هو مبين في الصورة ، ورأيتني لو أن تلك الألواح كانت لي في تلك الرؤيا ، فلما استيقظت رسخت في ذاكرتي هذه الرؤيا كالنقش على الحجر ولم تعد تفارقني لحد الآن ، وأظن أن سني كان آنذاك يقارب 14 عند هذه الرؤيا ، ولما كبرنا نوعا ما ذكرت هذه الرؤيا لأخي الهواري الذي يليني الثاني في الكبر ، وهذا الأخير هو الذي نتبادل الأسرار وتربطني به علاقة كبيرة بيننا إلى يومنا هذا ، لذا أخبرته ، وبقيت أترقب أخي الأصغر ما عساه أن يخرج منه دون أن أذكر له الرؤيا حتى لا يتعمد السير في ذلك الإتجاه ، ولنترقب هذه الرؤيا العظيمة الشأن التي قد تغير شأن أمة أو عالم بكامله إن شاء الله .
هذه صورة تقريبية للرؤيا
هذه لمحة مختصرة عن حياتي
دخلت المدرسة الإبتدائية وانتقلت للمتوسطة عن طريق الفوز بامتحان السادسة سنة 72 ومن المتوسطة إلى الثانوية التقنية بحي النخيل بوهران التى تحصلت منها على شهادة الباكلوريا سنة 79 ومن ثم انتقلت إلى المعهد اللاسلكي للمواصلات بوهران الذي تحصلت منه على شهادة مهندس سنة 84 .
ــ كنت أزاول حياتي مع مراعاة الدين من حلال وحرام وأنا في المتوسطة حوالي سنة 75 ولم يكن آنذاك شباب يصلي بل كانت الصلاة تعرف للشيوخ ونادرا ما تجد شابا يصلي ، وهذا هو الذي كان يسود المجتمع كله ، وكان الشاب يخجل من الدخول إلى المسجد إذ كان المسجد لا يدخله آنذاك إلا الشيوخ .
كنت شابا عاديا كباقي الشباب إلا أنني كنت كثير المزاح لربما لكوني يتيما كان ذلك تعويضا لعاطفتي ، وعلى النقيض من ذلك كنت ملتزما بالدين دون معرفة كبيرة فيه إذ كنت أتبع ما يقال من قول او عمل دون تمحيص حتى أن أحد الشباب الدعاة في المعهد اللاسلكي قال لي ذات يوم كلاما في الدين فقلت له سأتفرغ للبحث في هذا الدين عند انتهائي من الدراسة فكانت كلمة موفقة من عند الله وأتم الله ذلك من فضله .
ــ أحب ما يحبه عامة الناس وأكره ما يكرهه عامة الناس نختلف في الحلال والحرام فقط .
ــ مررت بسن المراهقة عاشقا في الحلال وحفظني الله من الزلل ، وكنت حينها شاعرا ومغنيا أكتب الشعر ميلا غرائزي أسطر الكلمات غراما ..... طالع كتابي : سقطت كلمات فدوت ، الحاء حاء والباء باء والليل طال
ــ عند انتهئي من الدراسة دخلت الخدمة العسكرية
ــ أثناء الخدمة العسكرية وبعد الانتهاء من التدريب أخذت قرارا حاسما في نفسي فقلت من الآن فصاعدا يجب أن أعمل كل ما في وسعي لأكون جادا وصارما في أعمالي وأقوالي وجعلت ذلك اليوم فارقا بين المرحلة السابقة واللاحقة وبدأت في تطبيق هذا القرار بحذافره بدءا من تلك اللحظة بالذات ، إنه فصل بين عهد قديم وعهد جديد ، كل شيء انتهى ، حتى أني كنت أتفرج كرة القدم المبارات الكبيرة الوطنية والعالمية وأتفاعل مع الفوز والخسارة وأغضب لهذه الأخيرة كما تراه في المجتمعات ، ففكرت وحللت هذه الأحوال وخرجت بنتيجة أن هذا جهلا لا يليق ، فقاطعت مشاهدة الكرة نهائيا إلى يومنا هذا ، قرار كلفني أيام حزن في البداية خصوصا في البطولة العالمية ، فالناس في الثكنة متجمعين حول التلفاز وأنا منعزلا أقاوم نفسي وهي تريد بشدة مشاهدة مبارات كأس العالم التي تزامنت مع أخذي هذا القرار ، كان ظرفا صعبا لفترة قبل أن يدخل طي النسيان .
ــ انتقلت إلى ثكنة أخرى بصفتي ضابطا في الجيش وكان لي متسعا من الوقت فتفرغت حينها للدين بحثا وعلما وتطبيقا .
ــ هام جدا ، فأنا إنسان أؤمن بالتطبيق وأعمل عليه ولست إنسانا تنظيري بل تطبيقي ، آمنت طبق .
ــ بدأت بأن خصصت وقتا معينا لحفظ القرآن والذي أتذكره هو نصف ساعة كل يوم , ليس حفظا مباشرا وإنما قراءة صفحة ذهابا وإيابا إلى أن ينتهي الوقت ، ولا أنتقل لصفحة أخرى حتى أجد نفسي أحفظها من كثرة القراءة .
ــ بدأت مطالعة الكتب الدينية السنية الفقه والعقيدة وما إلى ذلك ، ولفترة وجيزة أصبحت عالما سنيا ولي مكانة في المجتمع .
ــ عرفت في ما عرفت أولا الأفكار السلفية والتي كانت منتشرة آنذاك عند غالبية الشباب أين ما اتجهت وجدتها وكنت أرى أن هذه الأفكار هي الأقرب إلى الصواب من غيرها من الأفكار التي كنت أعرفها وبالتالي كنت سلفيا بامتياز ، وذلك لسببين اثنين أساسين .
السبب الأول ؛ أن الأفكار السلفية كانت تدعو إلى اللامذهبية وهذا ما كنت أراه أن لا يكون فرق أو طوائف في الدين ، فعلى الناس كلها أن تتبع النبي
السبب الثاني ؛ أنها كانت تدعو إلى اتباع الكتاب والسنة والذي يقصد منه اتباع القرآن والأحاديث التي جاءت عن الرسول أو أفعال الصحابة التي كانت تستند إلى أفعال الرسول وهذا جميل أيضا ، وكنت أرى أن هذا هو الصواب .
ــ أصبحت أطبق كل ما أقرأه من حديث إذا ما تيسر لي الأمر وبدأت أتغير شيئا فشيئا حتى أصبحت متعصبا بعد فترة وجيزة وأصبحت اؤم الناس في الصلاة سواء كنت في الحياة العسكرية أو في الحياة المدنية أثناء الإجازة وكنت محبوبا لدى الناس وكانوا يحبون غنائي في الصلاة أي ما يسمى بالترتيل والتجويد باتباع الأحكام ، ورغم أني لم أكن ملتحي إلا أن السلفيين وأكثرهم ملتحين كانوا يقدمونني للصلاة بهم في المساجد وكثيرا ما كنت أذهب من الحي الذي أقطنه إلى أوكار السلفية البعيدين عني ومع ذلك كانوا يقدمونني للصلاة بهم رغم أني لست من حيهم ، وكنت أقدم الدروس في المسجد وفي الثكنة ، وكنت أجتهد في الفتاوى أيضا ، فإن الثكنة لم تكن الجمعة تقام فيها بحكم عدم جوازها فأصدرت فتوى بجوازها وبدأت بإقامتها مع أفراد قليلة جدا ، ومن ثم بدأ العدد في التزايد شيئا فشيئا حتى أصبحت بعد فترة وجيزة لا تجد المكان داخل المسجد ، وبقي الوضع قائما حتى بعد خروجي من الثكنة أصبحت الجمعة قائمة وأظن إلى يومنا هذا ، وكنت أصلي كما قرأت منسوبا إلى النبي فكنت أرفع يدي في جل حركات الصلاة وأقبضهما أيضا وأنفذ جل ما جاء في هذا الباب فأصبحت من المميزين القلة آنذاك . كنت محبوبا لدى الناس ، والأحبة والأتباع في ازدياد وتكاثر .
ــ أصبحت مصدرا للفتوى .
ــ أفتيت الناس في حق مسجد الثكنة حيث كان الجنود لا يصلون فيه صلاة الجمعة لعدم توفر شروط فقهية فيه فأقمت فيه الجمعة مع فئة قليلة جدا وأصبح في ما بعد مكتظا بالمصلين حتى بعد خروجي من الحياة العسكرية .
ــ أثناء غيابي عن الثكنة كان يتعقبني في الصلاة أناس آخرين منهم واحد يتبع المذهب المالكي ويتعصب له , تغيبت عن المسجد مرة وبعد رجوعي وجدته قد أفتى الناس عكس ما أفتيت لهم بعدم رفع الأيدي في الصلاة أو بإسدالهما فتشاجرت معه مشاجرة كبيرة وأصبحنا أعداء منذ ذالك اليوم حتى افتراقنا من الثكنة .
ــ كان في الثكنة بعض المصلين من المذهب الإباضي فكانوا لا يرفعون أيديهم في بداية الصلاة وقد لفت هذا انتباهي
فحاورتهم قائلا لم لا ترفعون أيديكم في بداية الصلاة وقد جاء ت أحاديث صحيحة في هذا الباب وهي في صحيح البخاري فكانوا يمتنعون عن الحوار وعن الجواب وتعجبت منهم ومن غيرهم من الناس كيف أريهم أحاديث موجودة في كتاب البخاري وسهلة التطبيق ومع ذلك لا يستجيبون فكنت أغضب لذلك , ذهبت إلى مدينة غرداية حيث يوجد مذهبهم لأشتري كتبهم وأطلع على مذهبم فلم أحصل على شيء .
ــ أثناء فترتي العسكرية اطلعت على كتب قليلة وبفضل ربي كانت ذا أهمية كبيرة وضرورية جدا لمعرفة حقيقة الدين .
ــ اطلعت على كتاب يتكلم عن تسعة أئمة قدامى منهم الأربعة المعروفين فأخذت نبذة عن بعض المذاهب
ــ اطلعت على مقتطفات من كتب في ما يخص التاريخ الإسلامي وذهلت لما وقع بعد وفاة النبي فلم أكد أصدق ما قرأته ، كنت أظن أن المسلمين ظلوا إخوة بعد وفاة النبي وكنت أظن أنهم كانوا يدا واحدة وكنت أظن أن تقواهم لا يمكن أن تجعلهم أعداء يتقاتلون بينهم من أجل من يكون رئيسا عليهم , لقد قرأت أسوأ ما يمكن أن يتخيل
فإن القلب ليحزن وإنه لتاريخ أسود مهما حاولت تبييضه ولنحمد الله أننا لم نكن هناك وتلك جرائم لا يعلم إلا المشفقون غضب الله منها ونسأل الله ان لا يعيدها على المؤمنين مرة أخرى وأن يطهر قلوبنا كما طهر أيدينا منها إنه هو الرحمان الرحيم وإنه هو السميع العليم .
التغيير الجدري
من خلال مطالعتي للكتب مررت بأحاديث عديدة ومن حين لآخر كنت أصطدم بحديث يثير شكوكي فأحتم قبوله على نفسي وفي أحد الأيام بينما أنا في الثكنة أطالع أحد الكتب اصطدمت بحديث يقول أن النبي قال لأبي ذر هل تعلم أين تذهب الشمس حين تغرب قال لا أعلم قال له إنها تذهب تحت العرش فتسجد ثم تعود . ونحن نعلم أن الأرض تدور حول الشمس وتدور حول نفسها وبسبب دورانها حول نفسها يتشكل الغروب والشروق وتغيب الشمس عن الأنظار. فعندما قرأت هذا الحديث تلقيت صدمة كبيرة جدا وانقلبت رأسا على عقب في ثانية أو أقل إذ كفرت بكل شيء إلا الله وحده فلم أعد أؤمن بأي شيء لا بالنبي ولا بالقرآن وأصبح قلبي فارغا من كل إيمان إلا الإيمان بالله , تغيرت في لحظة واحدة فلو كنت بجانبي آنذاك وانصرفت لتأتيني بكأس ماء مثلا ثم عدت إلي لوجدتني شخصا آخر غير الذي تعرفه ولاندهشت لشخصيتي الجديدة في رمش من العين أصبحت كافرا لا أؤمن بشيء إلا الله وحده لا شريك له , تخيل أني كنت أدعو الناس وأصلي بهم وألقي الدروس وخطب الجمعة وكنت من الحريصين على تطبيق الأحاديث وكان لي أتباع وأحبة ما شاء الله , تخيل أن هذا الشخص الموصوف بهذه الأوصاف والذي كان يعتبره الناس قدوة لهم تغير في ثانية أو أقل فأصبح لا يؤمن لا بالنبي ولا بالقرآن ، حدث هذا في لحظة صغيرة جدا وإذا أنت تتعجب كيف أصبحت أنا كذلك فاعلم أني قد تعجبت من نفسي آنذاك كيف أصبحت أنا كذلك ، والغريب والعجيب كي تتعجب أكثر أني حاولت الرجوع إلى ما كنت عليه أي الرجوع إلى حالتي الأولى أي مؤمنا كما كنت سابقا فلم أستطع بتاتا فانقلبت حزينا وندمت على مطالعتي الكتب وتمنيت لو بقيت جاهلا , صرت أمشي وأخاطب الناس في نفسي وأقول لهم أيها الناس أنصحكم نصيحة واحدة ألا تطالعوا الكتب وألا تتعلموا فالجهل خير من العلم ، الجهل خير من العلم ، صدق أو لا تصدق أصبحت أرى أن الجهل خير من العلم . أصبحت في ضلال كبير ولم أستطع الرجوع . كرهت المطالعة واعتزلت الكتب إلى غير عودة .
بقيت مواظبا على العبادات لأنها كانت تصب في عبادة الله فلو كانت مرتبطة بشخص أو بشيء من الجمادات لكنت انسلخت منها جملة وتفصيلا , وقعت في ورطة كبيرة ومستنقع كبير وأدركت أنه لا يوجد أي مخرج أصبحت متشائما لدرجة لا تتصور, لم أجد شيئا أمسك به وأنا أغرق إلا شيئا واحدا بقيت أستأنس به كل حين إنه التوجه إلى الله والإكثار من الدعاء ، فقط الدعاء , كنت أدعو وأقول رب أزل عني هذه الشكوك ولم يكن لدي شيئ أقوله غيرهذا ، كنت كافرا يفرض على نفسه الإيمان وكان همي وشغلي الشاغل في كل وقت كيف أخرج من هذا المأزق, كنت في ثكنة صغيرة ومعزولة جدا في الصحراء ولا قرية صغيرة توجد بجانبها ، وكنت قد أتيت إلى هذه الثكنة بوقت قريب ولم يكن لي أصحاب فيها كما كنت في الثكنة التي قبلها لقد كانت هذه الثكنة صغيرة جدا ومعزولة عن كل شيء لا توجد بقربها مدينة ولا قرية لا ترى فيها شجرة ولا حيوان إلا التلال على مد النظر وفيها وقع لي هذا الحدث فازدادت عزلتي معنويا ، كنت أخرج من الثكنة لوحدي وأمشي في الصحراء متثاقلا متشائما ، مليئا باليأس ، حزينا منغمسا في التفكير حائرا كيف وقع لي ذلك ، أصبحت كافرا إلا بالله ، ولم أستطع العودة مهما فعلت ، ولا يوجد أي حل ، ولا يوجد أي أمل ، ولا أستطيع الرجوع إلى الوراء ، وهمي الوحيد كيف أخرج من هذا المأزق بقيت مرتبطا ارتباطا كبيرا بالله وكأني كنت اقول لله هذا فوق طاقتي وما عساني أن أفعل , كنت أجدد الدعاء في كل مرة بقولي رب أزل عني هذه الشكوك مع شبه يأس تام من أي حل . وكنت أقصد بإزالة الشكوك الرجوع إلى ما كنت عليه .
بقيت على هذه الحالة ما يقارب الشهر ثم أخذت إجازة وجيزة لأعود إلى بيتنا بمدينة وهران وفيها أستريح
وماذا حدث يا ترى ؟
ففي هذه الفترة الوجيزة من الإجازة وبينما كنت أجول في أحد شوارع المدينة وجدت غلاما صغيرا على رصيف الطريق واضعا على الأرض كتابين قديمين للبيع ، فكان موقفا يلفت الإنتباه فتوقفت وتناولت أحدهما وكان عنوانه أضواء على السنة المحمدية وأظن أني تفحصت الفهرس فكان يتكلم عن الحديث ونشأته ، اشتريت الكتاب وعدت إلى البيت, فلما وصلت إلى المنزل تناولت الكتاب وبدأت المطالعة , أتدرون ماذا حدث ؟ لقد خرجت من المأزق , خرجت بأعجوبة , يا لها من فرحة لقد خرجت من المأزق والحمد لله ، أهي صدفة أم توجيه من الله ؟ أحسست حينها أن الله هو الذي أنقذني وهو الذي هداني .
إن مؤلف الكتاب من مصر واسمه محمود أبو رية انتابه شك في الحديث فذهب يبحث في هذا المجال وكثف بحثه بمطالعة العديد من الكتب والسهر الكبير على تقديم أقصى جهد في هذا المجال وانتهى بتأليف هذا الكتاب الذي سماه أضواء على السنة المحمدية وتم طبعه سنة 1958 وهو الوقت الذي ولدت فيه ونحن الآن في سنة 1984 وسني يقارب 26 سنة أي أن الكتاب يعود ل 26 سنة من قبل فلا يوجد الكتاب حاليا إطىلاقا خصوصا في بلادنا ، وعند قراءتي للكتاب وبمجرد الصفحات الأولى إن لم أقل مقدمة الكتاب ظهر الفرج وبدأت الشكوك تتلاشى بسرعة كبيرة فما إن انتهيت من جزء صغير منه حتى ذهبت عني كل الشكوك وأصبحت على يقين كبير مما كنت عليه سابقا ، فكان الكتاب مناسبا جدا لما كنت أعاني منه , وكلما ذكر الكتاب شيئا إلا وذكر المرجع الذي أخذه منه ، ولكي يطمئن قلبي بقي لي شيء واحد أردت التأكد منه وهو التحقق من هذه المراجع التي ذكرها وهل فعلا فيها ما ينسبه لها ، علما أنها غير موجودة بالجزائر إلا القليل منها وقد صعب علي هذا إذ يجب الرحيل إلا مصر والبحث عن هذه المراجع وقد يكون بعضها في السعودية أو في العراق فما زال الطريق شاقا أمامي ليطمئن قلبي ، وعلي التفكير في الرحيل .
انتهت أيام الإجازة التي كانت تقارب الأسبوع وعدت إلى الثكنة الاولى بمدينة ورقلة والتي كان يوجد بها كثير من الأصحاب , فجاءني أحد أصحابي المقربين والمحبوبين إلي والذي يحبني كثيرا فوجدني شخصا آخر في فكر آخر فذكرت له القصة فرأى أني ضللت كثيرا وأن الكتاب قد زاد في ضلالي فأخذ يسعى جاهدا ليعيدني إلى ما كنا عليه جميعا , وفي تلك الأيام بالذات وفي هذه المدينة وقع شىء عجيب آخر , لقد جاءني صاحبي هذا بكتاب وجده في إحدى المكاتب ، كتاب قديم الطبع أنظر جيدا وأعيد طبعه سنة 84 19 أي في تلك الفترة التي كنت فيها في الخدمة العسكرية ، أي في السنة التي وقع لي فيها الحدث , أتدرون عن ماذا يتكلم الكتاب ؟ إنه كتاب ألفه صاحبه يرد فيه على الكتاب السابق لمحمود أبو رية الذي تم طبعه سنة 58 والذي أنا في التفكير للرحيل من أجل التحقق من المراجع التي ذكرت فيه ، أهي صدفة أخرى أم هو توجيه من الله ؟ أصبحت الآن أكثر يقينا بأن هذه ليست صدفا وأن الله يتابعني وأن هذه الهداية ليست محض صدفة وأنها هداية ربانية بحق ولا شك فيها ، أخذت الكتاب ثم طالعته فوجدت الرد ضعيفا والآن اطمأن قلبي لأن المؤلف لم يعترض على المراجع التي ذكرها أبو رية وما جاء فيها بل كان يحاول أن يأول ما فيها وبالتالي تأكدت من حقيقة المراجع وكفاني الله مشقة البحث عنها إنه هو الرؤوف الرحيم ، لقد فقدت الأمل تماما ولم تمض إلا أياما قليلة وأقول أياما قليلة حتى جاءني الفرج من حيث لم أكن احتسب إطلاقا بل من الممر الذي سددت بابه ونفرت منه وهو مطالعة الكتب إذ بسبب ذلك ضللت فكرهت الكتب فمن هذا الطريق الذي ضللت به ونفرت منه هداني الله إذ أعطاني إجازة صغيرة تقارب الأسبوع ثم أعادني إلى أهلي فخفف عني تلك المأساة التي عشتها وكنت لوحدي وبعث غلاما في اليوم الذي نزلت فيه المدينة ويفكر الغلام أو وليه لينزل المدينة في هذا اليوم على غير العادة ثم يأخذ مكانا على رصيف الطريق مكانا غير مخصص لبيع الكتب فقط ليلفت الله انتباهي ويضع الغلام كتابيه على الرصيف وهذا ليس معتادا عندنا ونادرا ما يحدث ، وانظر كيف بي أنزل في هذا اليوم المدينة والكتاب لا يوجد إلا في مكان واحد من المدينة كلها فلا يوجد في مكان آخر وكيف أمر بهذا الطريق وبهذا الرصيف فتقع عيناي على هذا المشهد وهذا الغلام والكتابين فأتوقف عند الغلام ولمعرفة ماذا يبيع الغلام وأتفحص الكتاب الذي اسمه أضواء على السنة المحمدية وأظن أني وجدت على الفهرس ما يدعو لشرائه فاشتريت الكتاب ولم أنزل إلى المدينة لأشتري الكتب ولم تكن لي أي حاجة بها بل كنت قد أعطيتها ظهري وداعا ورغم كل هذا اشتريت الكتاب فلو وجدت رجلا كبيرا يبيعه قد لا أهتم بالأمر ولا أتوصل لشرائه ولو جاء الغلام بكتب عديدة لما توقفت ولما لفت انتباهي ، فهذا التنسيق المحكم لا أراه إلا من عند الله فأنا أحس بهذا جدا على عكس القارئ فقد لا يحس بهذا ولا يراه كما أرى فوضعنا مختلف جدا بين لاعب في الميدان وبين متفرج يسمع الأخبار على المذياع ، ضف إلى ذلك أن الكتاب قديم وقد مر على طبعه أكثر من عشرين سنة وهو غير متوفر في السوق فكانت نسخة منه عند الغلام ونزل في هذا اليوم ليبيعه أي لينقله الله إلي ويكون هذا الكتاب مناسبا جدا لما كنت أعاني منه ويشرح الله به صدري ويفتح بابا على مصراعيه ، وصدفة أخرى عندما أردت التحقق من المراجع المذكورة ليطمئن قلبي وشق علي ذلك كثيرا إذ يجب علي الرحيل والبحث عن المراجع في بلدان أخرى فهيأ الله لي كتابا معارضا للكتاب الأول ويؤكد على المراجع كلها بعد مضي أكثر من عشرين سنة على الكتاب الأول وبالذات في الوقت الذي كنت في أمس الحاجة لذلك ، ولم أكن أبحث عن هذا الكتاب بل أتاني به صديقي وهو الذي وجده , لقد ضللت بكتاب وهداني لله بكتاب وطمأن قلبي بكتاب , فكل هذه التنسيقات والترتيبات من الرحمان الرحيم كما سنرى ان شاء الله .
وألخص ما استنتجته من كتاب أضواء على السنة ومن كتب أخرى طالعتها في ما بعد .
ــ كنت أظن أن الأحاديث التي جاءت بها الكتب هي لفظ النبي وإذا بي أكتشف أنها روايات بالمعنى وهذا مهم جدا حيث ان انتقال الكلام بالمعنى من شخص لآخر قد يغير القصد أو يغير الهدف أو يغير القصد والهدف معا حسب ما فهم الشخص الثاني من الشخص الأول
إن الرواية بالمعنى معرضة للزيادة والنقصان قد يزيد في الكلام أو ينقص منه فالزيادة والنقصان قد يغيران المعنى جزئيا أو كليا فلوأخذنا مثلا عشرة أشخاص وذكرنا للأول قصة لكي تنتقل من واحد لآخر وأتينا بالأخير لكي يقص علينا ما وصل إليه لوجدنا القصة قصة أخرى وهذا ما يحدث يوميا فلو أخذنا حادثة وقعت في مكان معين وذهبنا لعين المكان لنعرف ما جرى لوجدنا اختلافا في الكلام وسنبتعد عن الحقيقة كلما ابتعدنا عن المكان أو ابتعدنا عن شهود العيان وإذا كان في الحادثة خروف قد يتحول هذا الخروف إلى حصان .
ــ عامل الوقت يؤثر كثيرا في الرواية بالمعنى حيث أنك تجد بين الراوي والآخر فترة من الزمن قد تصل العشرين سنة أو أكثر إذ أن مخرج القصة نفسه يخطأ لا محال في ذكرها دون تحريف بعد مضي بضع سنوات , فما بالك بمن سمع قصة من غيره بالمعنى ومضى عليها عشرون سنة وكيف بهذه القصة إذا انتقلت بالمعنى أيضا من الثاني إلى ثالث بعد عشرين سنة أخرى ومنها إلى رابع بالمعنى بعد عشرين سنة أخرى وهكذا حتى تصل القرن الثالث بعد وفاة النبي وهو الزمان الذي ظهرت فيه الكتب التى يقال أنها معتمدة . فلو أخذنا التفاسير التي تعتبر ما يفهم بالمعنى من القرآن , تجدها تختلف من تفسير لآخر ومن شخص لآخر حسب فهم كل شخص رغم أن نص القرآن واحد , فلو تناقل إلينا القرآن بالعنى وكانت التفاسير هي القرآن وجاء قوم وأخذوا من التفاسير فهمهم وجعلوا تفاسير أخرى وجاء آخرون من بعدهم وجعلوا تفاسير أخرى لوصل إلينا القرآن كتابا آخر لا نعرف منه إلا الإسم ولو كانت نصوص التشريع تنقل بالمعنى لنقل إلينا النبي القرآن بالمعنى ولقرأ علينا سورة الإخلاص وقال الله أحد بل قرأها ونقرؤها كلنا قل هو الله أحد , فالكلام واضح وبسيط ورغم ذلك قال النبي قل هو الله أحد ولم يقل الله أحد .
ــ كثيرا ما يسمع الإنسان كلاما من أحد ثم يمضي عليه الوقت وعندما يريد إعادته تجده قد نسبه إلى شخص آخر وقد يقسم بالله على ذلك وهو يظن كذلك هذا في قصة واحدة وبين شخصين فما بالك إذا كانت القصة تتنقل بين الأشخاص على مر عشرات السنين ، وتخيل الحقيقة عندما يتعلق الأمر بآلاف الروايات ومآت الأشخاص ومآت الشهور , إن الشخص ليتعجب من أقواله وينكر منها في كثير من الأحيان لأن الزمان هو الأقوى .
وإنك لتجدنا قد تعرفنا على كثير من الناس وعاشرناهم عشرة طويلة وكنا نقضي اليوم كله معهم ولما طال الزمان بيننا أصبحنا لا نعرف أسماءهم بل أعطيناهم أسماء أخرى .
ــ ظهرت فتن كبيرة وكثيرة ابتداء من وفاة النبي مباشرة وكلها كانت بسبب الوصول الى الحكم فالتلاهف على الحكم جعل المسلمين شيعا يقتل بعضهم بعضا ومن شاء أن يعرف أكثر فليقرأ ما أرخوه عن أنفسهم , ولما أصبح المسلمون شيعا والحكم هدفا أصبحت صناعة الحديث وسيلة فكل يريد ضم الناس إليه فأصبح الكذب على النبي منتشرا بكثرة فمن كاذب على النبي ليجلب المناضلين والمقاتلين إليه إلى كاذب علي النبي ليوقع بالآخرين شرا.
ــ ظهور المذاهب جعل من المتعصبين لأهلها يفترون الكذب على النبي لينتشر مذهبهم على الآخرين فيصنعون أحاديث يرمز في فهمها إلى اتباع مذهبهم إذ يرون أن مذهبهم هو الذي يجب أن يتبع وأن ما يفعلونه هو في مصلحة الناس .
ــ الطامة الكبرى أن رجالا تقاة يشهد الناس لهم بذلك كانوا يكذبون على النبي فيرغبون الناس ويرهبونهم ويظنون أن ذلك في مصلحة الناس فإذا رأوا مثلا أن الناس لا تحفظ القرآن قالوا لهم أن النبي قال من قرأ سورة كذا وكذا فله في الجنة كذا وكذا فيهب الناس إلى تلك السورة وهكذا مع كثير من السور وكثير من أفعال الخير إلى جانب الترهيب كأن يقولوا في أمر ما لإبعاد الناس عنه أن النبي قال من فعل كذا وكذا فإن الله يعاقبه بكذا وكذا فيبتعد الناس عن ذلك الأمر , فلما كشف أمر بعض هؤلاء وتبين أنهم كانوا يكذبون وقيل لهم لماذا تكذبون على النبي أجابوهم قائلين إنا لا نكذب عليه إنما نكذب له فاسمع واعجب إنما نكذب له , هذا ما يخفى على الناس ولا زال الكثير من العلماء من يفعل هذا ويخفي الحقيقة عن الناس , تخيل أن كل ما كانت هناك مصلحة أو دفع مفسدة كان موجود نخبة من هؤلاء وراءها .
ــ كنت أظن أن البخاري ومسلم وغيره من الرواة كانوا على عهد قريب من النبي فإذا بي أكتشف أنهم ظهروا في القرن الثالث بعد وفاة النبي , بعد ما وجدوا أن الأخبار المنسوبة إلى النبي أصبحت كثيرة جدا وهي دائما في تزايد ارادوا أن يمحصوها ويجعلوها في كتب ويغلقوا باب صناعة الحديث ذهب كل من هؤلاء الرواة ليمحص ما استطاع إليه سبيلا , تخيل أنك في القرن الثالث تريد أن تجمع الحديث وتذهب عند شخص لتنقل منه حديث يقول أنه نقله بالمعنى من شخص آخر توفي وبينه سنين طوال وأن ذلك الشخص المتوفي سمعه ونقله بالمعنى أيضا عن شخص آخر توفي قبله أيضا وبينه سنين طوال أخرى أيضا وهكذا حتى تقطع شوطا مدته ثلاثة قرون لتصل إلى زمان النبي , فإنك تنقل الخبر عن واحد حي والباقي كلهم أموات تخيل كيف يكون هذا الخبر .
ــ إن الأحاديث التي جمعت في كتب شتى تجدها مرتبة حسب ضعفها أي حسب نسبتها من الشك ويطلق على كل مرتبة مصطلح أقول مصطلح لينتبه الناس لما أقول ، يطلق على الكثيرة الشك ضعيفة وعلى الأقل شكا مصطلح اسمه صحيح فيقال هذا ضعيف وهذا صحيح وهذه الطامة الكبرى بافتعالهم لهذا المصطلح فأضلوا عامة الناس حيث ان السامع عندما يقال له هذا حديث صحيح يظن انه صحيح أن النبي قاله وعند من افتعل ذلك يعني أن نسبة الشك فيه قليلة إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان .
قسمت هذه الأحاديث كلها إلى قسمين ؛ المتواترة , والآحاد .
المتواتر هو ما رواه كثير من الناس من بلدان متفرقة عن كثير من الناس من بلدان متفرقة إلى أن يصل النبي بدون انقطاع في التسلسل أو قلة الناس فيه ، وقالوا إن المتواتر هذا يفيد اليقن بأن الحديث أكيد من عند النبي إذ لا يمكن أن يتواطأ كثير من الناس على ا لكذ ب وهم من بلدان مختلفة هكذا يقولون .
احاديث الآحاد هو ما كان دون المتواتر وهي أحاديث تفيد الظن ولا يؤخذ بها في العقائد لأن العقيدة تستوجب الإيمان بالغيب كالإيمان بالله واليوم الآخر ويوم القيامة وما إلى ذلك من الغيبيات فلا يجب أن تؤخذ بحديث آحاد ويجب أن يكون النص قطعي الدلالة وقطعي الثبوت أي دلالته قاطعة بمعنى لا يحتمل التأويل وقطعي الثبوت بمعنى أنه من عند النبي لا شك في ذلك , وأجازوا استعمال الآحاد في غير العقيدة أي في العبادات والمعاملات وما إلى غير ذلك من التشريعات .
ــ كنت أظن أن ما رواه البخاري ومسلم وغيره من الرواة موجود ومعترف به عند كافة المسلمين فاكتشفت أن هذا خاص بالمذاهب السنية فقط أما الشيعة والإباضية مثلا فلهم كتبهم الخاصة بهم وعندها تذكرت عندما كنت أجادل أحد الإباضية في رفع اليدين في الصلاة واقول له يوجد هذا في البخاري فكان لا يريد أن يستجيب كنت أتعجب من خشونة هؤلاء وأقول كيف أدله على قول النبي في كتاب البخاري ولا يستجيب لما يقوله النبي ويتعصب لمذهبه وكان هذا يغيظني ويزيدني حقدا وكراهة لكل من لا يستجيب . هذا خلاصة ما استنتجته.
المــــوقف الجديـــد
لما خلصت لتلك الحقائق أصبحت في حيرة من أمري ، كانت الأحاديث من قبل هي التي تجري على لساني وتملأ عبادتي وأفعالي ومعاملاتي وأفكاري وكل ما هو دين ، ومن قال دين قال حديث ، وفجأة وجدت نفسي محتفظا إلا بالقرآن ولابد من الحديث إذ لم أكن أر شيئا في القرآن ، فكيف أتعامل مع الحديث إذن . وجدت نفسي كصبي ولدته أمه في صحراء ثم ماتت . تخيل أني كنت شابا في السادسة والعشرين من عمري وكنت قبل ذلك آخذ عن العلماء وأقرأ عنهم فكانوا أمامي وبعد ما عرفت الحقيقة أصبحت أكرههم كرها شديدا لأنهم هم الذين اضلوا الناس وصنعوا ما صنعوا وأخفوا الحق عن الناس ولذلك نبذتهم فأصبحت وحدي لا يوجد أحد أمامي أتبعه ويجب علي الإعتماد على نفسي ولا أفهم القرآن وكيف أتصرف مع الحديث وكيف أعبد الله ، كل ذلك كان عقبة أمامي .
بســـم الله الرحمـان الرحيم
حـــــــــــقيقة عـــجيبة
ملاحظة : كل ما سأذكره لكم هو تعبيري بالمعنى إلا ما كان آية من قرآن
إن والدي ووالدتي رحمهما الله لا يعرفان الكتابة ولا القراءة ولا يعرفان في الدين إلا ما يعرفه الجميع فهما كما يقال أميان ، ماتت أمي وأنا ما يقارب العشر سنوات ، فنشأت على اليتم باكرا
وأنا صغير رأيت في المنام نبي الله إبراهيم قد أعطى أخي الأصغر ألواحا ، رأيت كف يده مبسوطة في الهواء وبجانبها ألواح على شكل عيدان كما هو مبين في الصورة ، ورأيتني لو أن تلك الألواح كانت لي في تلك الرؤيا ، فلما استيقظت رسخت في ذاكرتي هذه الرؤيا كالنقش على الحجر ولم تعد تفارقني لحد الآن ، وأظن أن سني كان آنذاك يقارب 14 عند هذه الرؤيا ، ولما كبرنا نوعا ما ذكرت هذه الرؤيا لأخي الهواري الذي يليني الثاني في الكبر ، وهذا الأخير هو الذي نتبادل الأسرار وتربطني به علاقة كبيرة بيننا إلى يومنا هذا ، لذا أخبرته ، وبقيت أترقب أخي الأصغر ما عساه أن يخرج منه دون أن أذكر له الرؤيا حتى لا يتعمد السير في ذلك الإتجاه ، ولنترقب هذه الرؤيا العظيمة الشأن التي قد تغير شأن أمة أو عالم بكامله إن شاء الله .
هذه صورة تقريبية للرؤيا
هذه لمحة مختصرة عن حياتي
دخلت المدرسة الإبتدائية وانتقلت للمتوسطة عن طريق الفوز بامتحان السادسة سنة 72 ومن المتوسطة إلى الثانوية التقنية بحي النخيل بوهران التى تحصلت منها على شهادة الباكلوريا سنة 79 ومن ثم انتقلت إلى المعهد اللاسلكي للمواصلات بوهران الذي تحصلت منه على شهادة مهندس سنة 84 .
ــ كنت أزاول حياتي مع مراعاة الدين من حلال وحرام وأنا في المتوسطة حوالي سنة 75 ولم يكن آنذاك شباب يصلي بل كانت الصلاة تعرف للشيوخ ونادرا ما تجد شابا يصلي ، وهذا هو الذي كان يسود المجتمع كله ، وكان الشاب يخجل من الدخول إلى المسجد إذ كان المسجد لا يدخله آنذاك إلا الشيوخ .
كنت شابا عاديا كباقي الشباب إلا أنني كنت كثير المزاح لربما لكوني يتيما كان ذلك تعويضا لعاطفتي ، وعلى النقيض من ذلك كنت ملتزما بالدين دون معرفة كبيرة فيه إذ كنت أتبع ما يقال من قول او عمل دون تمحيص حتى أن أحد الشباب الدعاة في المعهد اللاسلكي قال لي ذات يوم كلاما في الدين فقلت له سأتفرغ للبحث في هذا الدين عند انتهائي من الدراسة فكانت كلمة موفقة من عند الله وأتم الله ذلك من فضله .
ــ أحب ما يحبه عامة الناس وأكره ما يكرهه عامة الناس نختلف في الحلال والحرام فقط .
ــ مررت بسن المراهقة عاشقا في الحلال وحفظني الله من الزلل ، وكنت حينها شاعرا ومغنيا أكتب الشعر ميلا غرائزي أسطر الكلمات غراما ..... طالع كتابي : سقطت كلمات فدوت ، الحاء حاء والباء باء والليل طال
ــ عند انتهئي من الدراسة دخلت الخدمة العسكرية
ــ أثناء الخدمة العسكرية وبعد الانتهاء من التدريب أخذت قرارا حاسما في نفسي فقلت من الآن فصاعدا يجب أن أعمل كل ما في وسعي لأكون جادا وصارما في أعمالي وأقوالي وجعلت ذلك اليوم فارقا بين المرحلة السابقة واللاحقة وبدأت في تطبيق هذا القرار بحذافره بدءا من تلك اللحظة بالذات ، إنه فصل بين عهد قديم وعهد جديد ، كل شيء انتهى ، حتى أني كنت أتفرج كرة القدم المبارات الكبيرة الوطنية والعالمية وأتفاعل مع الفوز والخسارة وأغضب لهذه الأخيرة كما تراه في المجتمعات ، ففكرت وحللت هذه الأحوال وخرجت بنتيجة أن هذا جهلا لا يليق ، فقاطعت مشاهدة الكرة نهائيا إلى يومنا هذا ، قرار كلفني أيام حزن في البداية خصوصا في البطولة العالمية ، فالناس في الثكنة متجمعين حول التلفاز وأنا منعزلا أقاوم نفسي وهي تريد بشدة مشاهدة مبارات كأس العالم التي تزامنت مع أخذي هذا القرار ، كان ظرفا صعبا لفترة قبل أن يدخل طي النسيان .
ــ انتقلت إلى ثكنة أخرى بصفتي ضابطا في الجيش وكان لي متسعا من الوقت فتفرغت حينها للدين بحثا وعلما وتطبيقا .
ــ هام جدا ، فأنا إنسان أؤمن بالتطبيق وأعمل عليه ولست إنسانا تنظيري بل تطبيقي ، آمنت طبق .
ــ بدأت بأن خصصت وقتا معينا لحفظ القرآن والذي أتذكره هو نصف ساعة كل يوم , ليس حفظا مباشرا وإنما قراءة صفحة ذهابا وإيابا إلى أن ينتهي الوقت ، ولا أنتقل لصفحة أخرى حتى أجد نفسي أحفظها من كثرة القراءة .
ــ بدأت مطالعة الكتب الدينية السنية الفقه والعقيدة وما إلى ذلك ، ولفترة وجيزة أصبحت عالما سنيا ولي مكانة في المجتمع .
ــ عرفت في ما عرفت أولا الأفكار السلفية والتي كانت منتشرة آنذاك عند غالبية الشباب أين ما اتجهت وجدتها وكنت أرى أن هذه الأفكار هي الأقرب إلى الصواب من غيرها من الأفكار التي كنت أعرفها وبالتالي كنت سلفيا بامتياز ، وذلك لسببين اثنين أساسين .
السبب الأول ؛ أن الأفكار السلفية كانت تدعو إلى اللامذهبية وهذا ما كنت أراه أن لا يكون فرق أو طوائف في الدين ، فعلى الناس كلها أن تتبع النبي
السبب الثاني ؛ أنها كانت تدعو إلى اتباع الكتاب والسنة والذي يقصد منه اتباع القرآن والأحاديث التي جاءت عن الرسول أو أفعال الصحابة التي كانت تستند إلى أفعال الرسول وهذا جميل أيضا ، وكنت أرى أن هذا هو الصواب .
ــ أصبحت أطبق كل ما أقرأه من حديث إذا ما تيسر لي الأمر وبدأت أتغير شيئا فشيئا حتى أصبحت متعصبا بعد فترة وجيزة وأصبحت اؤم الناس في الصلاة سواء كنت في الحياة العسكرية أو في الحياة المدنية أثناء الإجازة وكنت محبوبا لدى الناس وكانوا يحبون غنائي في الصلاة أي ما يسمى بالترتيل والتجويد باتباع الأحكام ، ورغم أني لم أكن ملتحي إلا أن السلفيين وأكثرهم ملتحين كانوا يقدمونني للصلاة بهم في المساجد وكثيرا ما كنت أذهب من الحي الذي أقطنه إلى أوكار السلفية البعيدين عني ومع ذلك كانوا يقدمونني للصلاة بهم رغم أني لست من حيهم ، وكنت أقدم الدروس في المسجد وفي الثكنة ، وكنت أجتهد في الفتاوى أيضا ، فإن الثكنة لم تكن الجمعة تقام فيها بحكم عدم جوازها فأصدرت فتوى بجوازها وبدأت بإقامتها مع أفراد قليلة جدا ، ومن ثم بدأ العدد في التزايد شيئا فشيئا حتى أصبحت بعد فترة وجيزة لا تجد المكان داخل المسجد ، وبقي الوضع قائما حتى بعد خروجي من الثكنة أصبحت الجمعة قائمة وأظن إلى يومنا هذا ، وكنت أصلي كما قرأت منسوبا إلى النبي فكنت أرفع يدي في جل حركات الصلاة وأقبضهما أيضا وأنفذ جل ما جاء في هذا الباب فأصبحت من المميزين القلة آنذاك . كنت محبوبا لدى الناس ، والأحبة والأتباع في ازدياد وتكاثر .
ــ أصبحت مصدرا للفتوى .
ــ أفتيت الناس في حق مسجد الثكنة حيث كان الجنود لا يصلون فيه صلاة الجمعة لعدم توفر شروط فقهية فيه فأقمت فيه الجمعة مع فئة قليلة جدا وأصبح في ما بعد مكتظا بالمصلين حتى بعد خروجي من الحياة العسكرية .
ــ أثناء غيابي عن الثكنة كان يتعقبني في الصلاة أناس آخرين منهم واحد يتبع المذهب المالكي ويتعصب له , تغيبت عن المسجد مرة وبعد رجوعي وجدته قد أفتى الناس عكس ما أفتيت لهم بعدم رفع الأيدي في الصلاة أو بإسدالهما فتشاجرت معه مشاجرة كبيرة وأصبحنا أعداء منذ ذالك اليوم حتى افتراقنا من الثكنة .
ــ كان في الثكنة بعض المصلين من المذهب الإباضي فكانوا لا يرفعون أيديهم في بداية الصلاة وقد لفت هذا انتباهي
فحاورتهم قائلا لم لا ترفعون أيديكم في بداية الصلاة وقد جاء ت أحاديث صحيحة في هذا الباب وهي في صحيح البخاري فكانوا يمتنعون عن الحوار وعن الجواب وتعجبت منهم ومن غيرهم من الناس كيف أريهم أحاديث موجودة في كتاب البخاري وسهلة التطبيق ومع ذلك لا يستجيبون فكنت أغضب لذلك , ذهبت إلى مدينة غرداية حيث يوجد مذهبهم لأشتري كتبهم وأطلع على مذهبم فلم أحصل على شيء .
ــ أثناء فترتي العسكرية اطلعت على كتب قليلة وبفضل ربي كانت ذا أهمية كبيرة وضرورية جدا لمعرفة حقيقة الدين .
ــ اطلعت على كتاب يتكلم عن تسعة أئمة قدامى منهم الأربعة المعروفين فأخذت نبذة عن بعض المذاهب
ــ اطلعت على مقتطفات من كتب في ما يخص التاريخ الإسلامي وذهلت لما وقع بعد وفاة النبي فلم أكد أصدق ما قرأته ، كنت أظن أن المسلمين ظلوا إخوة بعد وفاة النبي وكنت أظن أنهم كانوا يدا واحدة وكنت أظن أن تقواهم لا يمكن أن تجعلهم أعداء يتقاتلون بينهم من أجل من يكون رئيسا عليهم , لقد قرأت أسوأ ما يمكن أن يتخيل
فإن القلب ليحزن وإنه لتاريخ أسود مهما حاولت تبييضه ولنحمد الله أننا لم نكن هناك وتلك جرائم لا يعلم إلا المشفقون غضب الله منها ونسأل الله ان لا يعيدها على المؤمنين مرة أخرى وأن يطهر قلوبنا كما طهر أيدينا منها إنه هو الرحمان الرحيم وإنه هو السميع العليم .
التغيير الجدري
من خلال مطالعتي للكتب مررت بأحاديث عديدة ومن حين لآخر كنت أصطدم بحديث يثير شكوكي فأحتم قبوله على نفسي وفي أحد الأيام بينما أنا في الثكنة أطالع أحد الكتب اصطدمت بحديث يقول أن النبي قال لأبي ذر هل تعلم أين تذهب الشمس حين تغرب قال لا أعلم قال له إنها تذهب تحت العرش فتسجد ثم تعود . ونحن نعلم أن الأرض تدور حول الشمس وتدور حول نفسها وبسبب دورانها حول نفسها يتشكل الغروب والشروق وتغيب الشمس عن الأنظار. فعندما قرأت هذا الحديث تلقيت صدمة كبيرة جدا وانقلبت رأسا على عقب في ثانية أو أقل إذ كفرت بكل شيء إلا الله وحده فلم أعد أؤمن بأي شيء لا بالنبي ولا بالقرآن وأصبح قلبي فارغا من كل إيمان إلا الإيمان بالله , تغيرت في لحظة واحدة فلو كنت بجانبي آنذاك وانصرفت لتأتيني بكأس ماء مثلا ثم عدت إلي لوجدتني شخصا آخر غير الذي تعرفه ولاندهشت لشخصيتي الجديدة في رمش من العين أصبحت كافرا لا أؤمن بشيء إلا الله وحده لا شريك له , تخيل أني كنت أدعو الناس وأصلي بهم وألقي الدروس وخطب الجمعة وكنت من الحريصين على تطبيق الأحاديث وكان لي أتباع وأحبة ما شاء الله , تخيل أن هذا الشخص الموصوف بهذه الأوصاف والذي كان يعتبره الناس قدوة لهم تغير في ثانية أو أقل فأصبح لا يؤمن لا بالنبي ولا بالقرآن ، حدث هذا في لحظة صغيرة جدا وإذا أنت تتعجب كيف أصبحت أنا كذلك فاعلم أني قد تعجبت من نفسي آنذاك كيف أصبحت أنا كذلك ، والغريب والعجيب كي تتعجب أكثر أني حاولت الرجوع إلى ما كنت عليه أي الرجوع إلى حالتي الأولى أي مؤمنا كما كنت سابقا فلم أستطع بتاتا فانقلبت حزينا وندمت على مطالعتي الكتب وتمنيت لو بقيت جاهلا , صرت أمشي وأخاطب الناس في نفسي وأقول لهم أيها الناس أنصحكم نصيحة واحدة ألا تطالعوا الكتب وألا تتعلموا فالجهل خير من العلم ، الجهل خير من العلم ، صدق أو لا تصدق أصبحت أرى أن الجهل خير من العلم . أصبحت في ضلال كبير ولم أستطع الرجوع . كرهت المطالعة واعتزلت الكتب إلى غير عودة .
بقيت مواظبا على العبادات لأنها كانت تصب في عبادة الله فلو كانت مرتبطة بشخص أو بشيء من الجمادات لكنت انسلخت منها جملة وتفصيلا , وقعت في ورطة كبيرة ومستنقع كبير وأدركت أنه لا يوجد أي مخرج أصبحت متشائما لدرجة لا تتصور, لم أجد شيئا أمسك به وأنا أغرق إلا شيئا واحدا بقيت أستأنس به كل حين إنه التوجه إلى الله والإكثار من الدعاء ، فقط الدعاء , كنت أدعو وأقول رب أزل عني هذه الشكوك ولم يكن لدي شيئ أقوله غيرهذا ، كنت كافرا يفرض على نفسه الإيمان وكان همي وشغلي الشاغل في كل وقت كيف أخرج من هذا المأزق, كنت في ثكنة صغيرة ومعزولة جدا في الصحراء ولا قرية صغيرة توجد بجانبها ، وكنت قد أتيت إلى هذه الثكنة بوقت قريب ولم يكن لي أصحاب فيها كما كنت في الثكنة التي قبلها لقد كانت هذه الثكنة صغيرة جدا ومعزولة عن كل شيء لا توجد بقربها مدينة ولا قرية لا ترى فيها شجرة ولا حيوان إلا التلال على مد النظر وفيها وقع لي هذا الحدث فازدادت عزلتي معنويا ، كنت أخرج من الثكنة لوحدي وأمشي في الصحراء متثاقلا متشائما ، مليئا باليأس ، حزينا منغمسا في التفكير حائرا كيف وقع لي ذلك ، أصبحت كافرا إلا بالله ، ولم أستطع العودة مهما فعلت ، ولا يوجد أي حل ، ولا يوجد أي أمل ، ولا أستطيع الرجوع إلى الوراء ، وهمي الوحيد كيف أخرج من هذا المأزق بقيت مرتبطا ارتباطا كبيرا بالله وكأني كنت اقول لله هذا فوق طاقتي وما عساني أن أفعل , كنت أجدد الدعاء في كل مرة بقولي رب أزل عني هذه الشكوك مع شبه يأس تام من أي حل . وكنت أقصد بإزالة الشكوك الرجوع إلى ما كنت عليه .
بقيت على هذه الحالة ما يقارب الشهر ثم أخذت إجازة وجيزة لأعود إلى بيتنا بمدينة وهران وفيها أستريح
وماذا حدث يا ترى ؟
ففي هذه الفترة الوجيزة من الإجازة وبينما كنت أجول في أحد شوارع المدينة وجدت غلاما صغيرا على رصيف الطريق واضعا على الأرض كتابين قديمين للبيع ، فكان موقفا يلفت الإنتباه فتوقفت وتناولت أحدهما وكان عنوانه أضواء على السنة المحمدية وأظن أني تفحصت الفهرس فكان يتكلم عن الحديث ونشأته ، اشتريت الكتاب وعدت إلى البيت, فلما وصلت إلى المنزل تناولت الكتاب وبدأت المطالعة , أتدرون ماذا حدث ؟ لقد خرجت من المأزق , خرجت بأعجوبة , يا لها من فرحة لقد خرجت من المأزق والحمد لله ، أهي صدفة أم توجيه من الله ؟ أحسست حينها أن الله هو الذي أنقذني وهو الذي هداني .
إن مؤلف الكتاب من مصر واسمه محمود أبو رية انتابه شك في الحديث فذهب يبحث في هذا المجال وكثف بحثه بمطالعة العديد من الكتب والسهر الكبير على تقديم أقصى جهد في هذا المجال وانتهى بتأليف هذا الكتاب الذي سماه أضواء على السنة المحمدية وتم طبعه سنة 1958 وهو الوقت الذي ولدت فيه ونحن الآن في سنة 1984 وسني يقارب 26 سنة أي أن الكتاب يعود ل 26 سنة من قبل فلا يوجد الكتاب حاليا إطىلاقا خصوصا في بلادنا ، وعند قراءتي للكتاب وبمجرد الصفحات الأولى إن لم أقل مقدمة الكتاب ظهر الفرج وبدأت الشكوك تتلاشى بسرعة كبيرة فما إن انتهيت من جزء صغير منه حتى ذهبت عني كل الشكوك وأصبحت على يقين كبير مما كنت عليه سابقا ، فكان الكتاب مناسبا جدا لما كنت أعاني منه , وكلما ذكر الكتاب شيئا إلا وذكر المرجع الذي أخذه منه ، ولكي يطمئن قلبي بقي لي شيء واحد أردت التأكد منه وهو التحقق من هذه المراجع التي ذكرها وهل فعلا فيها ما ينسبه لها ، علما أنها غير موجودة بالجزائر إلا القليل منها وقد صعب علي هذا إذ يجب الرحيل إلا مصر والبحث عن هذه المراجع وقد يكون بعضها في السعودية أو في العراق فما زال الطريق شاقا أمامي ليطمئن قلبي ، وعلي التفكير في الرحيل .
انتهت أيام الإجازة التي كانت تقارب الأسبوع وعدت إلى الثكنة الاولى بمدينة ورقلة والتي كان يوجد بها كثير من الأصحاب , فجاءني أحد أصحابي المقربين والمحبوبين إلي والذي يحبني كثيرا فوجدني شخصا آخر في فكر آخر فذكرت له القصة فرأى أني ضللت كثيرا وأن الكتاب قد زاد في ضلالي فأخذ يسعى جاهدا ليعيدني إلى ما كنا عليه جميعا , وفي تلك الأيام بالذات وفي هذه المدينة وقع شىء عجيب آخر , لقد جاءني صاحبي هذا بكتاب وجده في إحدى المكاتب ، كتاب قديم الطبع أنظر جيدا وأعيد طبعه سنة 84 19 أي في تلك الفترة التي كنت فيها في الخدمة العسكرية ، أي في السنة التي وقع لي فيها الحدث , أتدرون عن ماذا يتكلم الكتاب ؟ إنه كتاب ألفه صاحبه يرد فيه على الكتاب السابق لمحمود أبو رية الذي تم طبعه سنة 58 والذي أنا في التفكير للرحيل من أجل التحقق من المراجع التي ذكرت فيه ، أهي صدفة أخرى أم هو توجيه من الله ؟ أصبحت الآن أكثر يقينا بأن هذه ليست صدفا وأن الله يتابعني وأن هذه الهداية ليست محض صدفة وأنها هداية ربانية بحق ولا شك فيها ، أخذت الكتاب ثم طالعته فوجدت الرد ضعيفا والآن اطمأن قلبي لأن المؤلف لم يعترض على المراجع التي ذكرها أبو رية وما جاء فيها بل كان يحاول أن يأول ما فيها وبالتالي تأكدت من حقيقة المراجع وكفاني الله مشقة البحث عنها إنه هو الرؤوف الرحيم ، لقد فقدت الأمل تماما ولم تمض إلا أياما قليلة وأقول أياما قليلة حتى جاءني الفرج من حيث لم أكن احتسب إطلاقا بل من الممر الذي سددت بابه ونفرت منه وهو مطالعة الكتب إذ بسبب ذلك ضللت فكرهت الكتب فمن هذا الطريق الذي ضللت به ونفرت منه هداني الله إذ أعطاني إجازة صغيرة تقارب الأسبوع ثم أعادني إلى أهلي فخفف عني تلك المأساة التي عشتها وكنت لوحدي وبعث غلاما في اليوم الذي نزلت فيه المدينة ويفكر الغلام أو وليه لينزل المدينة في هذا اليوم على غير العادة ثم يأخذ مكانا على رصيف الطريق مكانا غير مخصص لبيع الكتب فقط ليلفت الله انتباهي ويضع الغلام كتابيه على الرصيف وهذا ليس معتادا عندنا ونادرا ما يحدث ، وانظر كيف بي أنزل في هذا اليوم المدينة والكتاب لا يوجد إلا في مكان واحد من المدينة كلها فلا يوجد في مكان آخر وكيف أمر بهذا الطريق وبهذا الرصيف فتقع عيناي على هذا المشهد وهذا الغلام والكتابين فأتوقف عند الغلام ولمعرفة ماذا يبيع الغلام وأتفحص الكتاب الذي اسمه أضواء على السنة المحمدية وأظن أني وجدت على الفهرس ما يدعو لشرائه فاشتريت الكتاب ولم أنزل إلى المدينة لأشتري الكتب ولم تكن لي أي حاجة بها بل كنت قد أعطيتها ظهري وداعا ورغم كل هذا اشتريت الكتاب فلو وجدت رجلا كبيرا يبيعه قد لا أهتم بالأمر ولا أتوصل لشرائه ولو جاء الغلام بكتب عديدة لما توقفت ولما لفت انتباهي ، فهذا التنسيق المحكم لا أراه إلا من عند الله فأنا أحس بهذا جدا على عكس القارئ فقد لا يحس بهذا ولا يراه كما أرى فوضعنا مختلف جدا بين لاعب في الميدان وبين متفرج يسمع الأخبار على المذياع ، ضف إلى ذلك أن الكتاب قديم وقد مر على طبعه أكثر من عشرين سنة وهو غير متوفر في السوق فكانت نسخة منه عند الغلام ونزل في هذا اليوم ليبيعه أي لينقله الله إلي ويكون هذا الكتاب مناسبا جدا لما كنت أعاني منه ويشرح الله به صدري ويفتح بابا على مصراعيه ، وصدفة أخرى عندما أردت التحقق من المراجع المذكورة ليطمئن قلبي وشق علي ذلك كثيرا إذ يجب علي الرحيل والبحث عن المراجع في بلدان أخرى فهيأ الله لي كتابا معارضا للكتاب الأول ويؤكد على المراجع كلها بعد مضي أكثر من عشرين سنة على الكتاب الأول وبالذات في الوقت الذي كنت في أمس الحاجة لذلك ، ولم أكن أبحث عن هذا الكتاب بل أتاني به صديقي وهو الذي وجده , لقد ضللت بكتاب وهداني لله بكتاب وطمأن قلبي بكتاب , فكل هذه التنسيقات والترتيبات من الرحمان الرحيم كما سنرى ان شاء الله .
وألخص ما استنتجته من كتاب أضواء على السنة ومن كتب أخرى طالعتها في ما بعد .
ــ كنت أظن أن الأحاديث التي جاءت بها الكتب هي لفظ النبي وإذا بي أكتشف أنها روايات بالمعنى وهذا مهم جدا حيث ان انتقال الكلام بالمعنى من شخص لآخر قد يغير القصد أو يغير الهدف أو يغير القصد والهدف معا حسب ما فهم الشخص الثاني من الشخص الأول
إن الرواية بالمعنى معرضة للزيادة والنقصان قد يزيد في الكلام أو ينقص منه فالزيادة والنقصان قد يغيران المعنى جزئيا أو كليا فلوأخذنا مثلا عشرة أشخاص وذكرنا للأول قصة لكي تنتقل من واحد لآخر وأتينا بالأخير لكي يقص علينا ما وصل إليه لوجدنا القصة قصة أخرى وهذا ما يحدث يوميا فلو أخذنا حادثة وقعت في مكان معين وذهبنا لعين المكان لنعرف ما جرى لوجدنا اختلافا في الكلام وسنبتعد عن الحقيقة كلما ابتعدنا عن المكان أو ابتعدنا عن شهود العيان وإذا كان في الحادثة خروف قد يتحول هذا الخروف إلى حصان .
ــ عامل الوقت يؤثر كثيرا في الرواية بالمعنى حيث أنك تجد بين الراوي والآخر فترة من الزمن قد تصل العشرين سنة أو أكثر إذ أن مخرج القصة نفسه يخطأ لا محال في ذكرها دون تحريف بعد مضي بضع سنوات , فما بالك بمن سمع قصة من غيره بالمعنى ومضى عليها عشرون سنة وكيف بهذه القصة إذا انتقلت بالمعنى أيضا من الثاني إلى ثالث بعد عشرين سنة أخرى ومنها إلى رابع بالمعنى بعد عشرين سنة أخرى وهكذا حتى تصل القرن الثالث بعد وفاة النبي وهو الزمان الذي ظهرت فيه الكتب التى يقال أنها معتمدة . فلو أخذنا التفاسير التي تعتبر ما يفهم بالمعنى من القرآن , تجدها تختلف من تفسير لآخر ومن شخص لآخر حسب فهم كل شخص رغم أن نص القرآن واحد , فلو تناقل إلينا القرآن بالعنى وكانت التفاسير هي القرآن وجاء قوم وأخذوا من التفاسير فهمهم وجعلوا تفاسير أخرى وجاء آخرون من بعدهم وجعلوا تفاسير أخرى لوصل إلينا القرآن كتابا آخر لا نعرف منه إلا الإسم ولو كانت نصوص التشريع تنقل بالمعنى لنقل إلينا النبي القرآن بالمعنى ولقرأ علينا سورة الإخلاص وقال الله أحد بل قرأها ونقرؤها كلنا قل هو الله أحد , فالكلام واضح وبسيط ورغم ذلك قال النبي قل هو الله أحد ولم يقل الله أحد .
ــ كثيرا ما يسمع الإنسان كلاما من أحد ثم يمضي عليه الوقت وعندما يريد إعادته تجده قد نسبه إلى شخص آخر وقد يقسم بالله على ذلك وهو يظن كذلك هذا في قصة واحدة وبين شخصين فما بالك إذا كانت القصة تتنقل بين الأشخاص على مر عشرات السنين ، وتخيل الحقيقة عندما يتعلق الأمر بآلاف الروايات ومآت الأشخاص ومآت الشهور , إن الشخص ليتعجب من أقواله وينكر منها في كثير من الأحيان لأن الزمان هو الأقوى .
وإنك لتجدنا قد تعرفنا على كثير من الناس وعاشرناهم عشرة طويلة وكنا نقضي اليوم كله معهم ولما طال الزمان بيننا أصبحنا لا نعرف أسماءهم بل أعطيناهم أسماء أخرى .
ــ ظهرت فتن كبيرة وكثيرة ابتداء من وفاة النبي مباشرة وكلها كانت بسبب الوصول الى الحكم فالتلاهف على الحكم جعل المسلمين شيعا يقتل بعضهم بعضا ومن شاء أن يعرف أكثر فليقرأ ما أرخوه عن أنفسهم , ولما أصبح المسلمون شيعا والحكم هدفا أصبحت صناعة الحديث وسيلة فكل يريد ضم الناس إليه فأصبح الكذب على النبي منتشرا بكثرة فمن كاذب على النبي ليجلب المناضلين والمقاتلين إليه إلى كاذب علي النبي ليوقع بالآخرين شرا.
ــ ظهور المذاهب جعل من المتعصبين لأهلها يفترون الكذب على النبي لينتشر مذهبهم على الآخرين فيصنعون أحاديث يرمز في فهمها إلى اتباع مذهبهم إذ يرون أن مذهبهم هو الذي يجب أن يتبع وأن ما يفعلونه هو في مصلحة الناس .
ــ الطامة الكبرى أن رجالا تقاة يشهد الناس لهم بذلك كانوا يكذبون على النبي فيرغبون الناس ويرهبونهم ويظنون أن ذلك في مصلحة الناس فإذا رأوا مثلا أن الناس لا تحفظ القرآن قالوا لهم أن النبي قال من قرأ سورة كذا وكذا فله في الجنة كذا وكذا فيهب الناس إلى تلك السورة وهكذا مع كثير من السور وكثير من أفعال الخير إلى جانب الترهيب كأن يقولوا في أمر ما لإبعاد الناس عنه أن النبي قال من فعل كذا وكذا فإن الله يعاقبه بكذا وكذا فيبتعد الناس عن ذلك الأمر , فلما كشف أمر بعض هؤلاء وتبين أنهم كانوا يكذبون وقيل لهم لماذا تكذبون على النبي أجابوهم قائلين إنا لا نكذب عليه إنما نكذب له فاسمع واعجب إنما نكذب له , هذا ما يخفى على الناس ولا زال الكثير من العلماء من يفعل هذا ويخفي الحقيقة عن الناس , تخيل أن كل ما كانت هناك مصلحة أو دفع مفسدة كان موجود نخبة من هؤلاء وراءها .
ــ كنت أظن أن البخاري ومسلم وغيره من الرواة كانوا على عهد قريب من النبي فإذا بي أكتشف أنهم ظهروا في القرن الثالث بعد وفاة النبي , بعد ما وجدوا أن الأخبار المنسوبة إلى النبي أصبحت كثيرة جدا وهي دائما في تزايد ارادوا أن يمحصوها ويجعلوها في كتب ويغلقوا باب صناعة الحديث ذهب كل من هؤلاء الرواة ليمحص ما استطاع إليه سبيلا , تخيل أنك في القرن الثالث تريد أن تجمع الحديث وتذهب عند شخص لتنقل منه حديث يقول أنه نقله بالمعنى من شخص آخر توفي وبينه سنين طوال وأن ذلك الشخص المتوفي سمعه ونقله بالمعنى أيضا عن شخص آخر توفي قبله أيضا وبينه سنين طوال أخرى أيضا وهكذا حتى تقطع شوطا مدته ثلاثة قرون لتصل إلى زمان النبي , فإنك تنقل الخبر عن واحد حي والباقي كلهم أموات تخيل كيف يكون هذا الخبر .
ــ إن الأحاديث التي جمعت في كتب شتى تجدها مرتبة حسب ضعفها أي حسب نسبتها من الشك ويطلق على كل مرتبة مصطلح أقول مصطلح لينتبه الناس لما أقول ، يطلق على الكثيرة الشك ضعيفة وعلى الأقل شكا مصطلح اسمه صحيح فيقال هذا ضعيف وهذا صحيح وهذه الطامة الكبرى بافتعالهم لهذا المصطلح فأضلوا عامة الناس حيث ان السامع عندما يقال له هذا حديث صحيح يظن انه صحيح أن النبي قاله وعند من افتعل ذلك يعني أن نسبة الشك فيه قليلة إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان .
قسمت هذه الأحاديث كلها إلى قسمين ؛ المتواترة , والآحاد .
المتواتر هو ما رواه كثير من الناس من بلدان متفرقة عن كثير من الناس من بلدان متفرقة إلى أن يصل النبي بدون انقطاع في التسلسل أو قلة الناس فيه ، وقالوا إن المتواتر هذا يفيد اليقن بأن الحديث أكيد من عند النبي إذ لا يمكن أن يتواطأ كثير من الناس على ا لكذ ب وهم من بلدان مختلفة هكذا يقولون .
احاديث الآحاد هو ما كان دون المتواتر وهي أحاديث تفيد الظن ولا يؤخذ بها في العقائد لأن العقيدة تستوجب الإيمان بالغيب كالإيمان بالله واليوم الآخر ويوم القيامة وما إلى ذلك من الغيبيات فلا يجب أن تؤخذ بحديث آحاد ويجب أن يكون النص قطعي الدلالة وقطعي الثبوت أي دلالته قاطعة بمعنى لا يحتمل التأويل وقطعي الثبوت بمعنى أنه من عند النبي لا شك في ذلك , وأجازوا استعمال الآحاد في غير العقيدة أي في العبادات والمعاملات وما إلى غير ذلك من التشريعات .
ــ كنت أظن أن ما رواه البخاري ومسلم وغيره من الرواة موجود ومعترف به عند كافة المسلمين فاكتشفت أن هذا خاص بالمذاهب السنية فقط أما الشيعة والإباضية مثلا فلهم كتبهم الخاصة بهم وعندها تذكرت عندما كنت أجادل أحد الإباضية في رفع اليدين في الصلاة واقول له يوجد هذا في البخاري فكان لا يريد أن يستجيب كنت أتعجب من خشونة هؤلاء وأقول كيف أدله على قول النبي في كتاب البخاري ولا يستجيب لما يقوله النبي ويتعصب لمذهبه وكان هذا يغيظني ويزيدني حقدا وكراهة لكل من لا يستجيب . هذا خلاصة ما استنتجته.
المــــوقف الجديـــد
لما خلصت لتلك الحقائق أصبحت في حيرة من أمري ، كانت الأحاديث من قبل هي التي تجري على لساني وتملأ عبادتي وأفعالي ومعاملاتي وأفكاري وكل ما هو دين ، ومن قال دين قال حديث ، وفجأة وجدت نفسي محتفظا إلا بالقرآن ولابد من الحديث إذ لم أكن أر شيئا في القرآن ، فكيف أتعامل مع الحديث إذن . وجدت نفسي كصبي ولدته أمه في صحراء ثم ماتت . تخيل أني كنت شابا في السادسة والعشرين من عمري وكنت قبل ذلك آخذ عن العلماء وأقرأ عنهم فكانوا أمامي وبعد ما عرفت الحقيقة أصبحت أكرههم كرها شديدا لأنهم هم الذين اضلوا الناس وصنعوا ما صنعوا وأخفوا الحق عن الناس ولذلك نبذتهم فأصبحت وحدي لا يوجد أحد أمامي أتبعه ويجب علي الإعتماد على نفسي ولا أفهم القرآن وكيف أتصرف مع الحديث وكيف أعبد الله ، كل ذلك كان عقبة أمامي .
تابع الصفحة رقم 02
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
مواضيع مماثلة
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 03
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 02
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 05
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 04
» السجود هو حركة حقيقة في الصلاة وليس مجازا
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 02
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 05
» قصة من حقيقة عجيبة رقم 04
» السجود هو حركة حقيقة في الصلاة وليس مجازا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى