ليس إعجاز القرآن في اللغة
صفحة 1 من اصل 1
ليس إعجاز القرآن في اللغة
التاريخ : 18/06/2008
ليس إعجاز القرآن في اللغة
هل إعجاز القرآن هو في اللغة ؟
ــ فلو كان الإعجاز في اللغة لكان منحصرا في فئة متخصصة في اللغة والتي تتقن اللغة جيدا وهذه فئة معينة وصغيرة جدا ، وبالتالي يكون الإعجاز محصورا وليس عاما ، بينما الإعجاز الذي يتكلم عنه الله هو إعجاز عام
ــ ولو كان الإعجاز في اللغة لكان في اللغة العربية دون سواها من اللغات وهذا إعجاز محلي ، وبالتالي فهو إعجاز محصور أيضا ، وليس هذا هو الإعجاز المقصود .
ــ ولو كان الإعجاز في اللغة لكان لكل من يعجز قومه في لغتهم له الحق في أن يدعي ما يشاء ، ولكان حجة علينا في أن نتبعه في ما يدعي وإلا يحاسبنا الله ، لأننا عاجزين أمامه .
ــ ولو كان الإعجاز في اللغة لكنا ضحية للغات الأخرى بأن يتقولوا علينا ما يشاءون ولكان من حقهم أن يعاملون بالمثل فيقدموا من هو أبلغهم لغة ويقولوا هذا نبينا فاتبعوه أو آتوا بمثله بلاغة ، وبما أن اللغة مختلفة ونحن لا نعرفها أصلا فإن الغلبة تكون في صلاحهم ، ولكان حجة علينا الإيمان بما يقولون واتباعهم وإلا حاسبنا الله .
وخلاصة القول أن الإعجاز ليس في اللغة .
إن الإعجاز كل الإعجاز يكمن في الهداية ، والهداية هي العلم اليقين ، وهذا لا يمكن أن يأتي به أي مخلوق كان ولو اجتمعت المخلوقات كلها ، وهذا هو الإعجاز ، فالله لا يهدي القوم الظالمين ، والله لا يهدي القوم الفاسقين ، والله لا يهدي القوم المجرمين ، فكيف بهؤلاء أن يأتوا بالهداية ، فهذا مستحيل ، فالكتاب الذي أنزله الله يحتوي على الهداية ويحتوي على العلم ، وهذا هو جوهر الكتب المنزلة ، وهذا ما قاله الله في بداية الإنسانية عند خروج آدم من الجنة ونزوله إلى الأرض ، إذ يقول سبحانه ( ... قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة38فالكتب المنزلة هي التي تأتي بالهداية ، والهداية لا يمكن أن يأتي بها أي إنسان ، والله بين هذا الإعجاز في قوله سبحانه
( ... قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ، فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ... ) فنحن نتبع الكلام الذي يحمل الهداية ولا نتبع الكلام من أجل الكلام ، ولا يمكن لمجرم ولا ظالم ولا فاسق أن يأتي بالهداية ، ولا يمكن للمؤمنين الذين هداهم الله أن يفتروا على الله الكذب فينسبوا الهداية لأنفسهم ، إذن فالهداية لا يمكن أن تأتي من عند البشر إطلاقا وهذا هو الإعجاز ، واعلم أن الهداية علم ، والعلم لا يأتي به السفهاء أبدا ، فإما أن يتعلم من كتاب أو يهبه الله لمن يشاء ، وأي شخص يفتري على الله الكذب إلا ويأخذ منه الله العلم الذي أنزله ويتركه في ضلال مبين ، وهذا قانون ، لا جدال فيه ، وخذ أي أمة شئت ، وما من أمة كذبت على الله إلا وأخذ منها العلم وبالتالي أخذ منها الهداية فتصبح في ضلال كبير ، ومن ثم يتولاها الشيطان ويزين لها أعمالها ، وهذا قانون ، لا يمكن الخروج عنه ، فاليهود لما افتروا على الله الكذب أضلهم الله وأخذ العلم الذي أنزله عليهم ، فأصبحوا في ضلال لا رجعة فيه ، ومن افترائهم على الله أن عزير ابن الله ، وكذلك النصارى لما افتروا على الله الكذب أخذ منهم العلم الذي أنزله عليهم وتركهم في ضلال لا رجعة فيه ، ومن افترائهم على الله أن عيسى ابن الله ، وكذلك بالنسبة للمسلمين ، فلما افتروا على الله الكذب أخذ منهم العلم الذي أنزله عليهم ، فأصبحوا في ضلال لا رجعة فيه ، ومن افترائهم على الله أن للتشريع مصدرين ، واحد لله وآخر للرسول ، فانظر إلى علماء الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، فهم يكذبون على الله ليل نهار من مؤلفاتهم ومما كتبت أيديهم ، فهل تجد عندهم العلم الذي أنزله الله ؟ أبدا ، فالله أخذ علمه رغم وجود الكتاب بين أيديهم ، وخذ الصلاة التي أنزلها الله كمثال ، فهل رآها العلماء من قبل ، ولما بينها الله لهم فهل اتبعوها ، وهل يستطيعون النطق بها ؟ أبدا ، فلا يمكن للذي يفتري على الله الكذب أن ينطق بالهداية أبدا ، أبدا ، فانظر جيدا إلى علمائك ، فهم يعرفون اللغة جيدا ، ويحسنونها ، ويتقنونها جيدا ، حتى إنهم ليفصلون الكلمات تفصيلا دقيقا ، ويلقنونك الدروس في تفسير الكلمات ومواضعها ، لماذا جاءت هذه الكلمة هنا ولم تأت هناك ، ومع كل هذا فلا يمكن أن يعطوك الهداية ، ولا يمكن أن يعثروا عليها ، وإن عثروا عليها لا يمكن أن ينطقوا بها ، فإن قانون الهداية مرهون بعدم الكذب على الله ، فمستحيل أن يأتي بالهداية من كان يفتري على الله الكذب ، مستحيل ، مستحيل ، مستحيل ، ويمكن أن يأتي بكل علوم الكلام ، ويمكن أن يكون بحرا في اللغة ، ويمكن أن يكون هو مؤسس اللغة ومعلمها ، وهو الذي يعرف صغيرتها وكبيرتها ، ولا يوجد أحد أبلغ منه في الكلام على الإطلاق ، حجة في اللغة على مدى العصور ، ومع كل هذا فلا يستطيع أن يأتي بالهداية ولو بسورة صغيرة ، ولنأخذ كمثال سورة الإخلاص ، فانظر جيدا إلى العلم الذي جاء فيها ، وانظر هل يستطيع أن يأتي بها ، وإليك سورة الإخلاص والعلم الذي جاء فيها .
ــ قل هو الله أحد ، وهذا الشطر يحمل علما وهو أن الله واحد ، ليس اثنين ولا ثلاثة ، أنظر إلى العلم ، فهل يمكن لمؤسس اللغة أن يأتي بهذا ، مستحيل .
ــ ( الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ) ومعنى الصمد هو لم يلد ولم يولد ليس ، أنظر جيدا لهذا العلم ( لم يلد ولم يولد ) هل يمكن لمؤسس اللغة أن يأتي بهذا ، أبدا ، إنها معلومة كبيرة جدا وقد تبدوا لك بسيطة لأنك ورثتها فقط ، ولو كنت زمانها لعلمت قيمتها ، وقد لا تستوعبها لكثرة ضغط الجهل عليك آنذاك .
ــ ( ولم يكن له كفؤا أحدا ) لا في الذات ولا في الصفات ، انظر إلى العلم ، هل يمكن لمؤسس اللغة أن يأتي بهذا العلم ؟ مستحيل ، فانظر إلى هذه السورة والعلم الذي تحمله ، فإنها تحمل علما كبيرا جدا ، وهداية كبيرة جدا ، هذه السورة هي قمة في العلم وقمة في الهداية ، فلا يمكن أن يأتي بها أي شخص كان ، إلا أن تأتي هداية من عند الله ، وإليك النصارى وعندهم ما عندهم من العلماء والخبراء في اللغات وغيرها ، ومع ذلك فقد مروا في الظلمات القرون تلو القرون ولم يصلوا يوما إلى العلم الذي تحمله هذه السورة الصغيرة ، وهذه هي المعجزة ، وما يقال عن النصاري يقال عن اليهود وغيرهم ، وخذ مثلا شعب الهند ، وانظر إلى الديانات التي هي عندهم والأفكار المنتشرة بينهم ، فهي بالمئات ، وانظر إلى القرون التي مروا بها ، وكم مرت بها من أفكار وديانات ومعتقدات ، المئات ، الآلاف ، الملايين ، كم ؟؟؟ لا ندري ، ومع هذا الكم الهائل من الأفكار فلا تجد أبدا أنهم وصلوا يوما ما إلى العلم الذي تحمله تلك السورة الصغيرة ، وهذه هي المعجزة ، وخذ شعب اليابان وما أدراك ما شعب اليابان ، وعندهم ما عندهم من العلماء والخبراء ، ونفس الشيء بالنسبة للألمان وما أدراك ما الألمان ، وعندهم ما عندهم من العلماء والخبراء ، وخذ الصين وعلمائها وخبرائها ، خذ شعوب العالم كلها ، بعلمائها وخبرائها ومثقفيها وكل ما تملك من علم ، فلن تجد أبدا أنهم وصلوا يوما ما إلى العلم الذي جاءت به السورة ، رغم أنهم تخيلوا ما تخيلوا ، وصنعوا أفلاما خيالية قد يعجز العقل عن تخيلها إلا أنهم لم يتخيلوا العلم الذي تحمله تلك السورة الصغيرة ، وهذه هي المعجزة .
أنظر إلى شعوب العالم والعلوم التي فتحوها ، فتحوا علم البحار وعلم الأنهار والأقمار ، يعرفون الأسماك ومواليدها ، وما بداخلها وما بخارجها ، ومن أين تتنفس وكيف تتنفس ، ومتى تتنفس ، ومن أين تأكل وكيف تأكل ومتى تأكل ، يعرفون الكبيرة والصغيرة ، والصغيرة الصغيرة ، والتي ترى والتي لا ترى ، وكيف تنمو وكيف تحبوا ، وما يقال عن البحار يقال عن الأنهار ، وما يقال عن البحر يقال عن البر ، وما يقال عن البر يقال عن الجو ، وما يقال عن الحيوانات بأنواعها وأشكالها يقال عن الأشجار بأنواعها وأشكالها ، ويقال عن الطيور بأنواعها وأشكالها ، حدث ولا حرج ، وحتى الحشرات التي لا تخطر ببالك أبدا ولا يمكن أن تسمع بها ، إلا وتجد عندهم ملفا كاملا عنها ، من ولادتها إلى وفاتها ، بأبنائها وآبائها ، وماذا تريد أن أقول ، علم ضخم جدا جدا ، علموا تقريبا كل شيء ، ومع كل هذا فلن تجدهم أبدا يعلمون بالعلم الذي تحمله تلك السورة الصغيرة ، ولم يتخيلوه يوما ما ، ولم يخطر ببالهم أبدا ، وهذه هي المعجزة .
فلو أخذنا كل المخطوطات التي خطها الإنسان في التاريخ عدا الكتب المنزلة ، كل المجلدات وكل المصنفات التي كتبتها الإنسانية عبر التاريخ إلى يومنا هذا وإلى يوم الدين ، فإنك لا تجد سورة مثل هذه قد جاء بها الإنسان من عنده ، أبدا ، أبدا ، وهذه هي المعجزة .
ــ من الذي يكون حكما على الإعجاز ؟
إن الإعجاز معروض على كل الناس ، لكن الذي يحكم على الإعجاز هم الراسخون في العلم من أهل الذكر وليس كل الناس ، فالمحترفون من أصحاب المهنة هم الذين يحكمون عليها ، أي أصحاب هذا العلم وليس الظالمين والفاسقين والمجرمين ، فهؤلاء سيقولون مسبقا وبدون علم أنهم جاءوا بإعجاز مماثل عنادا لا حقيقة ، وقد تضحك كثيرا لما يأتونك به ، فإنهم لا يعرفون أين يكمن الإعجاز ، لأنهم لا يعلمون ما أنزل الله ، وبالتالي فإنهم يظنون أن الإعجاز يكمن في اللغة أو في القافية أو في وزن الأبيات ، فيأتون بـأشياء من هذا القبيل ، فتجدها خالية من العلم ، فعندها تضحك عليهم لسفاهتهم لأنهم لا يعلمون .
ــ خلاصة القول
إن الهداية علم ، وهي أكبر من كل العلوم ، ومن لم يكن على الهداية فهو جاهل مهما علم من العلوم الأخرى ، ولو كان عنده عشرات الدكتورات ، دكتور في الفيزياء النووية ، ودكتور في الكيمياء ، ودكتور في الفلك وهلم جرا ، وإذا لم يكن على الهداية فهو صفر ، فهو جاهل ، وهذه الهداية أو هذا العلم له طريق واحد وواحد فقط ، ولا يقبل التعدد ، وبالتالي فلا يمكن لأحد أن يأتي به من عنده أبدا ، أما الظالمون والمجرمون والفاسقون فإن الله لا يهديهم ، ناهيك عن أن يأتوا بالهداية ، وأهل العلم بما أنزل الله هم الذين يعرفون هذه الحقيقة { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }سبأ6
كل الكتب المنزلة معجزة ، وليس القرآن فقط ، لأنها بكل بساطة تحمل الهداية .
الكاتب : بنور صالح
bennour- Admin
- المساهمات : 164
تاريخ التسجيل : 03/06/2018
مواضيع مماثلة
» ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
» قصة آدم عليه السلام على ضوء القرآن
» ترتيـل القرآن وليس الغناء
» كيفية الصلاة على النبي من القرآن
» القرآن كتاب واحد وليس أربعة
» قصة آدم عليه السلام على ضوء القرآن
» ترتيـل القرآن وليس الغناء
» كيفية الصلاة على النبي من القرآن
» القرآن كتاب واحد وليس أربعة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى